للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وسكون الميم-: نسبة إلى ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خُزيمة بن إلياس بن مضر. قاله في "لبّ اللباب" ٢/ ٨١.

(قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - من سَفَرٍ) زاد في الرواية الآتية-٢٢٦٩ - من طريق أبي المغيرة، عن الأوزاعيّ: "فسلّمتُ عليه، فلما ذهبت لأخرج (فَقَالَ: "انْتَظِرِ الْغَدَاءَ) أي امكث هنا حتى يحضر الغداء، فتأكل معنا (يَا أَبَا أُمَيَّةَ") كنية عمرو بن أميّة - رضي اللَّه عنه - (فَقُلْتُ: إِنِّي صَائِمٌ) أي لا أنتظر الغداء, لأني صائم، فلا أتمكّن من أكله (فَقَالَ: "تَعَالَ) أي أقبل إليّ. وهو أمر من تعالى يتعالى: إذا ارتفع، وأصله أن الرجل العالي كان ينادي السافل، فيقول: تعال، ثم أكثر في كلامهم حتى استُعمِل بمعنى هَلُمَّ مطلقًا، وسواء كان موضع المدعوّ أعلى أو مساويًا، فهو في الأصل لمعنى خاصّ، ثم استعمل في معنى عامّ، ويتّصل به الضمائر باقيًا على فتحه، فيقال: تعالوا، تعاليا، تعالين، وربما ضُمّت اللام مع جمع المذكّر السالم، وكسرت مع المؤنّثة، وبه قرأ الحسن البصريّ في قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا} الآية؛ لمجانسة الواو. قاله في "المصباح".

(ادْنُ مِنِّي) أمر من الدنُوّ، وهو القرب، أي اقترب منّي، والفعل بدل من الفعل الذي قبله، كما قال في "الخلاصة":

وُيبْدَلُ الْفِعْلُ مِنَ الفِعْلِ كَـ"مَنْ … يَصِلْ إِلَيْنَا يَسْتَعِنْ بِنَا يُعَنْ"

(حَتَّى أُخْبِرَكَ) تعليل لأمره بالدنوّ منه (عَنِ الْمُسَافِرِ) أي عن شأن المسافر في حال سفره (إِنَّ اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، وَضَعَ) أي أسقط (عَنْهُ الصِّيَامَ) أي وجوب أدائه في السفر. وقال السنديّ -رحمه اللَّه تعالى-: أنت مسافر، وقد وضع اللَّه عن المسافر صوم الفرض، بمعنى وضع عنه لزومه في تلك الأيام، وخيّره بين أن يصوم تلك الأيام، وبين عدّة من أيام أخر، فكيف صوم النفل انتهى (١).

وقال القاري: "وضع" أي رفع ابتداءً عنه. وقال ابن حجر الهيتميّ: "وضع" بمعنى أسقط، وإسقاط الشيء يقتضي إسقاط وجوبه الأخصّ، لا جوازه الأعمّ، ففيه حجة لما عليه الشافعيّ أن القصر جائز، لا واجب انتهى. وقد ردّ عليه القاري بأن موضوع "وضع" ليس بالمعنى الذي ذكر، لا لغة، ولا اصطلاحًا، أما لغة فظاهر، وأما الاصطلاح الشرعيّ فقد ورد: إن اللَّه تعالى وضع عن أمتي الخطأ والنسيان". أي كلفتهما، وما يترتّب عليهما من الحرج والإثم، وكذا قوله تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ


(١) - "شرح السندي" ج٤ ص ١٧٨.