للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصحابة - رضي اللَّه عنهم - من مواساة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بما عندهم من طيبات الطعام (ومنها): ما كان عليه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - من قبول الهدية (ومنها): ضرب المثل للتقريب إلى الأذهان (ومنها): أن من أخرج شيئًا من ماله للتصدق به، ثم بدا له أن لا يتصدّق، فله ذلك. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف العلماء في حكم فطر الصائم المتطوّع:

ذهبت طائفة إلى جواز الفطر لمن كان صائمًا تطوعا، ولا قضاء عليه. وبه قال عمر، وعلي، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وجابر، وحذيفة، وأبو الدرداء، والثوريّ، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق.

واحتجّوا بحديث الباب، وبما رواه البخاريّ في"صحيحه" من طريق أبي العُمَيس، عن عون ابن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: آخى النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء مُتَبَذِّلَه، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء، ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء، فصنع له طعاما، فقال: كل، قال: فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، قال: فأكل، فلما كان الليل، ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نَمْ، فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: ثم، فلما كان من آخر الليل، قال سلمان: قم الآن، فصليا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، فذكر ذلك له، فقال النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -:"صدق سلمان".

وبما رواه الترمذيّ، والنسائيّ، والدارقطنيّ، والبيهقيّ، عن أم هانئ، قالت: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "الصائم المتطوّع أمير نفسه، إن شاء صام، وإن شاء أفطر". قال النوويّ في "شرح المهذّب": ألفاظ رواياتهم متقاربة المعنى، وإسنادها جيّد (١). وقال الترمذيّ: في إسناده مقال.

ومن حجتهم حديث أم هانئ: أنها دخلت على النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وهي صائمة، فدعا بشراب، فشرب، ثم ناولها، فشربت، ثم سألته عن ذلك، فقال: "أكنت تقضين يوما من رمضان؟ "، قالت: لا، قال: "فلا بأس"، وفي رواية: "إن كان من قضاء، فصومي مكانه، وان كان تطوعا، فإن شئت فاقضه، وإن شئت فلا تقضه". أخرجه أحمد، والترمذيّ، والنسائيّ. وفي إسناده هارون ابن ابنة أم هانئ، لا يعرف.


(١) - هذا ليس بجيّد، بل الصحيح ما قاله الترمذيّ من أن في إسناده مقالاً، لأن في إسناده جعدة المخزوميّ، قال فيه البخاريّ: فيه نظر، وضعفه ابن عديّ. وقد صحح الشيخ الألباني الحديث، انظر "صحيح الجامع" ج ٢ ص ٧١٧.