للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أسمع من عروة في هذا شيئا، ولكن سمعت من ناس عن بعض من سأل عائشة، فذكره، ثم أسنده كذلك. وقال النسائيّ: هذا خطأ، وقال ابن عيينة في روايته: سئل الزهريّ عنه، أهو عن عروة؟ فقال: لا. وقال الخلال: اتفق الثقات على إرساله، وشذّ من وصله. وتوارد الحفاظ على الحكم بضعف حديث عائشة هذا. وقد رواه من لا يوثق به عن مالك موصولاً ذكره الدارقطنيّ في "غرائب مالك"، وبيّن مالك في روايته، فقال: إن صيامهما كان تطوعًا.

وله طريق آخر عن أبي داود، من طريق زُميل مولى عروة، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: أهدي لي ولحفصة طعام، وكنا صائمتين، فأفطرنا، ثم دخل رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقلنا له: يا رسول اللَّه، إنا أهديت لنا هدية، فاشتهيناها، فأفطرنا، فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لا عليكما، صوما مكانه يوما آخر".

وهو حديث ضعيف؛ لأن زميلاً مجهول، وقال البخاريّ: لا يعرف لزميل سماع من عروة، ولا ليزيد سماع من زميل، ولا تقوم به الحجة. قال في "الفتح" وضعفه أحمد، والبخاريّ، والنسائيّ بجهالة حال زُميل (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الراجح عندي ما ذهب إليه الأولون؛ لحديث الباب وغيره من الأحاديث الصحيحة، وقد ذكرنا بعضها فيما مضى.

والحاصل أنه يجوز للصائم المتطوّع الفطر مطلقًا، ولا قضاء عليه؛ إذ لم يصحّ دليل على وجوبه، وقد عرفت ضعف الأحاديث التي احتجّ بها الموجبون. وعلى تقدير صحتها، يحمل الأمر بالقضاء على الندب؛ جمعًا بين الأدلة. فتبصّر. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٢٣٢٣ - (أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ, أَنْبَأَنَا شَرِيكٌ,, عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ, عَنْ مُجَاهِدٍ, عَنْ عَائِشَةَ, قَالَتْ: دَارَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - دَوْرَةً, قَالَ: «أَعِنْدَكِ شَيْءٌ» , قَالَتْ: (٢) لَيْسَ عِنْدِي شَيْءٌ, قَالَ: «فَأَنَا صَائِمٌ» , قَالَتْ: ثُمَّ دَارَ عَلَيَّ الثَّانِيَةَ, وَقَدْ أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ, فَجِئْتُ بِهِ, فَأَكَلَ, فَعَجِبْتُ مِنْهُ, فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, دَخَلْتَ عَلَيَّ, وَأَنْتَ صَائِمٌ, ثُمَّ أَكَلْتَ حَيْسًا, قَالَ: «نَعَمْ, يَا عَائِشَةُ, إِنَّمَا مَنْزِلَةُ مَنْ صَامَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ, أَوْ غَيْرِ قَضَاءِ رَمَضَانَ, أَوْ فِي التَّطَوُّعِ, بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ, أَخْرَجَ صَدَقَةَ مَالِهِ, فَجَادَ مِنْهَا بِمَا شَاءَ, فَأَمْضَاهُ, وَبَخِلَ مِنْهَا بِمَا بَقِيَ, فَأَمْسَكَهُ»).

قالَ الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "أبو داود": سليمان بن سيف الحرّانيّ ثقة حافظ


(١) - "فتح" ج ٤ ص٧٣٠.
(٢) - وفي نسخة: "قلت:".