نسي فليستقيء" فإنه يدل على التشديد في المنع والمبالغة في التحريم،
ولكن حديث ابن عباس، وحديث علي يدلان على جواز ذلك.
قال: وفي الباب أحاديث غير ما ذكره المصنف: يعني ابن تيمية: منها: ما أخرجه أحمد، وصححه ابن حبان عن أبي هريرة بلفظ "لو يعلم الذي يشرب وهو قائم لاستقاء" ولأحمد من وجه آخر عن أبي هريرة "أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا يشرب قائما فقال: قه، قال: لمه: قال: أيسرك أن يشرب معك الهر؟ قال: لا، قال: قد شرب معك من هو شر منه: الشيطان" وهو من رواية شعبة عن أبي زياد الطحان مولى الحسن بن علي رضي الله عنهما، وأبو زياد لا يعرف اسمه، وقد وثقه يحيى بن معين.
قال المازري: اختلف الناس في هذا:
فذهب الجمهور إلى الجواز وكرهه قوم، فقال: بعض شيوخنا: لعل النهي منصرف إلى من أتى أصحابه بماء فبادر بشربه قائما قبلهم استبدادا به، وخروجا عن كون ساقي القوم آخرهم شربا، قال: وأيضا فإن الحديث تضمن المنع من الأكل قائما، ولا خلاف في جواز الأكل قائما (١)، قال: والذي يظهر لي أن أحاديث شربه قائما تدل على الجواز، وأحاديث النهي تحمل على الاستحباب، والحث على ما هو
أولى وأكمل، قال: ويحمل الأمر بالقيئ على أن الشرب قائما يحرك خلطا يكون القيء دواؤه، ويؤيده قول النخعي: إنما نهي عن ذلك لداء البطن.
وقد تكلم عياض على أحاديث النهي، وقال: إن مسلما أخرج حديث أبي سعيد، وحديث أنس من طريق قتادة، وكان شعبة يتقي من حديث قتادة ما لا يصرح فيه بالتحديث.
(١) قلت: يعارض هذا ما تقدم عن قتادة، قلنا: فالأكل؟ قال: ذاك شر، وأخبث.