للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فريضة عقالاً. واللَّه أعلم انتهى كلام النوويّ (١).

وحاصل ما ذكره القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى- في كتابه "المفهم" من الأقوال في معنى "العقال" خمسة:

(الأول): أنه الفريضة من الإبل. رواه ابن وهب عن مالك، وقاله النضر بن شُميل.

(الثاني): أنه صدقة عام، قاله الكسائيّ، وأنشد البيت السابق.

(الثالث): أنه كلّ شيء يُؤخذ في الزكاة، من أنعام، وثمار؛ لأنه يُعقل عن مالكه.

قاله أبو سعيد الضرير.

(الرابع): هو ما يأخذه المصدِّق من الصدقة بعينها، فإن أخذ عوضها، قيل: أخذ نقدًا، ومنه قول الشاعر:

وَلَمْ يَأْخُذْ عِقَالًا وَلَا نَقْدًا

(الخامس): أنه اسم لماً يُعقل به البعير. قاله أبو عُبيد، وقال: قد بعث رسول اللَّه - صلي اللَّه عليه وسلم - محمد بن مسلمة على الصدقة، فكان يأخذ مع كلّ قرين عقالاً، ورِوَاء (٢).

قال: والأشبه بمساق أبي بكر أن يُراد بالعقال ما يُعقل به البعير؛ لأنه خرج مخرج التقليل. واللَّه أعلم (٣).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الذي يترجّح لديّ أن رواية "عِقَالًا" صحيحة، وأن أقرب تفسير العقال تفسير من فسّره بالحبل الذي تربط به الدوابّ، وأن من منع إعطاء العقال إذا احتاج إليه الساعي يُعتبر مانعًا لبعض الزكاة. واللَّه تعالى أعلم.

(كَانُوا يُؤَدُّونَهُ، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، لَقَاتلتُهم عَلَى مَنْعِهِ، قَالَ: عُمَرُ - رَضِي اللَّهُ عَنْهُ -: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ) أي ما الأمر والشأن، فالضمير للشأن. وقال السنديّ: أي ما سبب رجوعي إلى رأي أبي بكر انتهى (إِلاَّ أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ) أي علمت، وأيقنت أن اللَّه تعالى (شَرَحَ) أي فتح، ووسع، وليّن (صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ) - رضي اللَّه عنه - (لِلْقِتَالِ) قال النوويّ: معناه: علمت بأنه جازم بالقتال؛ لما ألقى اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ-، في قلبه من الطمأنينة لذلك، واستصوابه ذلك (فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ) أي عرفت بما ظهر من الدليل، وأقامه أبو بكر - رضي اللَّه عنه - من الحجة أن ما عزم عليه هو الحقّ، وليس معنى ذلك أن عمر - رضي اللَّه عنه - قلد أبا بكر - رضي اللَّه عنه -، فإن المجتهد لا يقلّد المجتهد. وقد زعمت الرافضة أن عمر - رضي اللَّه عنه - إنما وافق أبا بكر تقليدًا،


(١) -"شرح مسلم" ج١ ص ١٥٧ - ١٥٩.
(٢) - الرواء: الحبل الذي تربط به المزادتان. والمزادة: الراوية التي ينقل بها الماء. قلت: لم أر سند هذا الحديث، فيحتاج إلى النظر في سنده، واللَّه أعلم.
(٣) - راجع "المفهم" ج١ص ١٨٩ - ١٩٠.