(لَا يَحِلُّ لِآلِ مُحَمَّدٍ، - صلى اللَّه عليه وسلم -، مِنْهَا شَيْءٌ") يعني أن الزكاة حقّ من حقوق اللَّه تعالى، ليس لآل محمد - صلى اللَّه عليه وسلم - فيها نصيب، وإنما أصحابها المستحقّون لها هم الذين بيّنهم اللَّه تعالى في قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الآية [التوبة: ٦٠].واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جدّه، معاوية بن حَيْدَة - رضي اللَّه عنه - هذا صحيح.
[تنبيه]: مما يتعيّن توضيحه هنا الكلام في بهز بن حكيم، وحديثِهِ، فإنه قد تكلّم فيه بعض أهل العلم:
(اعلم): أن بَهْزَ بن حكيم -رحمه اللَّه تعالى- قد وثقه أكثر الأئمة (١): أحمد، وابن معين، وابن المدينيّ، والنسائيّ. وقال ابن معين: بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جدّه إسناد صحيح، إذا كان دون بهز ثقة. وقال أبو زرعة: صالح. وقال أبو داود: هو عندي حجة. وقال الترمذيّ: ثقة عند أهل الحديث. وكان شعبة يتكلم فيه، فلما تبيّن له كونه ثقة روى عنه.
وقال أبو جعفر السبتيّ: إسناد بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جدّه صحيح. وقال ابن قتيبة: كان من خيار الناس. وقال ابن عديّ: قد روى عنه ثقات الناس، وقد روى عنه الزهريّ حديثين، ذكرهما، ولم أر أحدًا من الثقات تخلف عنه في الرواية، ولم أر له حديثًا منكرًا، وأرجو أنه إذا حدث عنه ثقة فلا بأس بحديثه.
وتكلم فيه بعضهم، فمنهم: الشافعيّ، وأبو حاتم، وابن حبّان، والحاكم، وأحمد ابن بشير، وابن حزم، وابن الطلاّع:
فأما الشافعيّ، فقال: ليس بهز بحجة، وهذا الحديث لا يثبته أهل العلم بالحديث.
والظاهر عنه أنه إنما تكلم فيه لهذا الحديث، فجوابه أنه وثقه جماهير المحدثين، وصححوا حديثه، كما تقدّم قريبًا.
وأما أبو حاتم، فقال: هو شيخ يُكتب حديثه، ولا يحتجّ به. وقال أيضًا: عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جدّه أحبّ إليّ.
ومن المعلوم أن أبا حاتم متشددٌ، فجرحه مخالفًا للأئمة المتقدمين غير مؤثّر في صحة حديث بهز. وقد قال الحافظ أبو الحسن ابن القطان: وقول أبي حاتم: لا يحتجّ
(١) - راجع كلام الأئمة في "تهذيب التهذيب" ج١ ص ٢٥١ - ٢٥٢.