للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بفيه من ذي حاجة، غير متّخذ خُبْنة (١)، فلا شيء عليه، ومن خرج بشيء منه، فعليه غرامة مثليه، والعقوبة، ومن سرق منه شيئًا بعد أن يُؤويه الْجَرِين، فبلغ ثمن الْمِجَنّ، فعليه القطع". أخرجه أبو داود، والنسائيّ، والحاكم، وصححه.

وبقصّة المدديّ الذي أغلظ لأجله الكلامَ عوفُ بنُ مالك على خالد بن الوليد لَمّا أخذ سَلَبه، فقال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لا تردّ عليه". أخرجه مسلم.

وبإحراق عليّ - رضي اللَّه عنه - طعام المحتكرين، ودور قوم يبيعون الخمر، وهدمه دار جرير ابن عبد اللَّه، ومُشاطرة عمر لسعد بن أبي وقّاص في ماله الذي جاء به من العمل الذي بعثه إليه. وتضمينه لحاطب بن أبي بلتعة مثلي قيمة الناقة التي غصبها عبيده، وانتحروها. وتغليظه هو، وابن عباس الدية على من قتل في الشهر الحرام في البلد الحرام.

وذهب الجمهور إلى أن العقوبة بالمال غير مشروعة، ولا فرق في ذلك بين مانع الزكاة، والغالّ في الصدقة، والغنيمة، وغيرهما.

وأجابوا عن الأدلة المتقدّمة بأجوبة:

أما عن حديث بهز بأنه لم يثبت، فقد قال الشافعيّ: ليس بهز حجة، وهذا الحديث لا يثبته أهل العلم بالحديث؛ ولو ثبت لقلنا به، وكان قال به في القديم. وسئل عنه أحمد؟ فقال: لا أدري ما وجهه؟، فسئل عن إسناده؟ فقال: صالح الإسناد.

وتعقب بأنه حديث صحيح ثابت، فقد قال ابن معين: إسناده صحيح. وسئل عنه أحمد؟ فقال: صالح الإسناد، وصححه غيرهما، وقد تقدّم تمام الكلام عليه في المسألة الأولى الماضية قريبًا، وباللَّه تعالى التوفيق.

وقال البيهقيّ وغيره: حديث بهز هذا منسوخ.

وتعقبه النوويّ بأن الذي ادعوه من كون العقوبة كانت بالأموال في أول الإسلام ليس بثابت، ولا معروف، ودعوى النسخ غير مقبولة مع الجهل بالتاريخ.

وزعم الشافعيّ أن الناسخ له حديث ناقة البراء - رضي اللَّه عنه -، لأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - حكم عليه بضمان ما أفسدت، ولم يُنقل أنه - صلى اللَّه عليه وسلم -في تلك القضيّة أضعف الغرامة.

وفيه ما تقدّم من الجهل بالتاريخ، وبأن تركه - صلى اللَّه عليه وسلم - للمعاقبة بأخذ المال في هذه القضيّة لا يستلزم الترك مطلقًا، ولا يصحّ للتمسّك به على عدم الجواز، وجعله ناسخًا البتّة.

وأجابو أيضًا بما تقدّم من كلام إبراهيم الحربيّ بأن الراوي وَهِمَ فيه، والصواب:


(١) -بضم الخاء المعجمة، وسكون الباء الموحّدة-: معطف الإزار، وطرف الثوب، أي لا يأخذ منه في ثوبه.