(إحداها): ما ظهر فيه عدم قصد التعميم، ومُثّل بهذا الحديث.
(والثانية): ما ظهر فيه التعميم بأن أورد مبتدأ، لا على سبب؛ لقصد تأسيس القواعد.
(والثالثة): ما لم تظهر فيه قرينة زائدة تدلّ على التعميم، ولا قرينة تدلّ على عدم التعميم.
وقد وقع تنازع من بعض المتأخّرين في القسم الأول في كون المقصود منه عدم التعميم، فطالب بعضهم بالدليل على ذلك، وهذا الطريق ليس بجيّد؛ لأن هذا أمر يُعرف من سياق الكلام، ودلالة السياق لا يقام عليها دليل، وكذلك لو فُهم المقصود من الكلام، وطولب بالدليل عليه لعسُر، فالناظر يرجع إلى ذوقه، والمناظر إلى دينه وإنصافه انتهى كلام ابن دقيق العيد (١).
وحكى القاضي عياض عن داود أن كلّ ما يدخله الكيل يُراعى فيه خمسة أوسق، وما عداه مما لا يوسق ففي قليله وكثيره الزكاة. وسيأتي تمام البحث في هذه المسألة في بابه١ - ٢٤/ ٢٤٨٦ - إن شاء اللَّه تعالى (ومنها): بيان أقلّ نصاق الورق، وهو خمسة أواق، وهي مائتا درهم، وسيأتي إيضاح ذلك في بابه ١٨/ ٢٤٧٣ - إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٢٤٤٦ - (أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ, قَالَ: أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ, عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ, عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, قَالَ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ, وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ, وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ»).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا غير مرّة.
و"عيسى بن حماد": هو المصريّ المعروف هو وأبوه بـ "زُغْبَة". و"الليث": هو ابن سعد الإمام المصريّ. و"يحيى بن سعيد": هو الأنصاريّ.
وقوله: "خمسة ذود" أنث العدد هنا، وذكره في ما سبق؛ لأن الذود يذكّر، ويؤنث، فمن قال: "خمسة ذود" أراد التذكير، ومن قال: "خمس ذود" أراد التأنيث، وسبق هذا البحث قريبًا. والحديث متفق عليه، وقد استوفيتُ شرحه، والكلام على مسائله في الحديث الذي قبله. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكبل.
(١) - "إحكام الأحكام" ج ٣ ص ٢٨٣ - ٢٨٥ بنسخة الحاشية.