للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي ستمائة ست، وهكذا.

قال الخطّابيّ -رحمه اللَّه تعالى-: قوله: "فإذا زادت على ثلاثمائة الخ" إنما معناه أن يزيد مائة أخرى، فيصير أربعمائة، وذلك لأن المئين لما توالت أعدادها حتى بلغت ثلاثمائة، وعُلّقت الصدقة الواجبة فيها بمائة مائة، ثم قيل: "فإذا زادت" عُقل أن هذه الزيادة اللاحقة بها إنما هي مائة، لا ما دونها. وهو قول عامّة الفقهاء: الثوريّ، وأصحاب الرأي، وقول الحجازيين: مالك، والشافعيّ، وغيرهم -رحمهم اللَّه تعالى-.

وقال الحسن بن صالح بن حيّ: إذا زادت على ثلاثمائة واحدةً، ففيها أربع شياه انتهى (١).

وقال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: قوله: "فإذا زادت على ثلاثمائة الخ": مقتضاه أنه لا تجب الشاة الرابعة حتى توفي أربعمائة، وهو قول الجمهور، قالوا: فائدة ذكر الثلاثمائة لبيان النصاب الذي بعده؛ لكون ما قبله مختلفًا. وعن بعض الكوفيين، كالحسن بن صالح بن حيّ، ورواية عن أحمد: إذا زادت على الثلاثمائة واحدة وجبت الأربع انتهى (٢).

(وَلَا يُؤْخَذُ) بالبناء للمفعول، وفي رواية: "ولا تُخرج" (فِي الصَّدَقَةِ) أي المفروضة، وهي الزكاة (هَرِمَةٌ) بفتح الهاء، وكسر الراء: أي كبيرة سقطت أسنانها. وقال ابن الأثير: الطاعنة في السنّ. وقال التوربشتيّ: أراد التي نال منها كِبَرُ السنّ، وأضرّ بها (وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ) بفتح العين المهملة، وضمها: أي معيبة. وقيل: بالفتح: العيب، وبالضمّ الْعَوَرُ في العين. قاله في "الفتح". وقال ابن الأثير: بفتح العين، ويضمّ: أي صاحبة عيب ونقص. وعطف "ذات العوار" على "الهرمة" من عطف العامّ على الخاصّ إذ العيب يشمل المرض، والْهَرَم، وغيرهما.

واختُلف في ضبط العيب الذي يمنع الإجزاء في الزكاة فالأكثر على أنه ما يَثبُت به الردّ في البيع -وهو ما يوجب نقصان الثمن عند التجّار-. وقيل: ما يَمنع الإجزاء في الأضحية. ويَدخُل في المعيب المريض، والذكور بالنسبة إلى الأنوثة، والصغير بالنسبة إلى سنّ أكبر منه. أفاده في "الفتح" (٣).

ومحلّ عدم إجزاء المعيبة إذا كان المال كلّه سليمًا، فإن كان فيه سليمٌ ومعيبٌ أُخِذ سليمٌ وسطٌ، قيمته بين المعيب والسليم، وإن كان كلّه معيبًا أَخذ المصَدِّقُ واحدة من


(١) - "معالم السنن" ج ٢ ص ١٨٣.
(٢) - "فتح" ج ٤ ص ٧٩.
(٣) - "فتح" ج ٤ ص٨٠.