للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

معنى حرف الاستفهام، ومعناها: أيّ شيء كان من خَليطين، فإنهما يتراجعان بالسويّة على قدر أموالهما.

ومعنى ذلك عند الشافعيّ، وجماعة أن ما كان متميّزًا لأحد الخليطين من المال، فأخذ الساعي من ذلك المتميّز يرجع على صاحبه بحصّته، كأن يكون لكلّ منهما عشرون شاة، وأخذ الساعي من مال أحدهما، فإنه يرجع بقيمة نصف شاة على الآخر، وإن كان لأحدهما عشرون، وللآخر أربعون مثلاً، فأخذ من صاحب العشرين، فإنه يرجع على صاحب الأربعين بالثلثين، وإن أخذ من صاحب الأربعين، فإنه يرجع على صاحب العشرين بالثلث.

وعند مالك هو كخليطين بينهما مائة شاة لأحدهما ستون، وللآخر أربعون، ففيها عليهما شاة واحدة، يكون على صاحب الأربعين خمساها، وعلى صاحب الستّين ثلاثة أخماسها، فإن أخذ الساعي الشاة الواجبة من الأربعين رجع صاحبها على صاحب الستين بقيمة ثلاثة أخماسها، وإن أخذها من الستين رجع صاحبها على صاحب الأربعين بخمسيها.

وعند أبي حنيفة يُحمل الخليط على الشريك، إذ المال إذا تميّز، وأُخذ من ذلك المشترك، فعنده يجب التراجع بالسوية، أي يرجع كلّ منهما على صاحبه بقدر ما يساوي ماله.

مثلًا إذا كان لأحدهما أربعون بقرة، وللآخر ثلاثون، والمال مشترك غير متميّز، فأخذ الساعي عن صاحب الأربعين مسنّةً، وعن صاحب الثلاثين تبيعًا، وأعطى كلّ منهما من المال المشترك، فيرجع صاحب الأربعين بأربعة أسباع التبيع على صاحب الثلاثين، وصاحبُ الثلاثين بثلاثة أسباع المسنّة على صاحب الأربعين. (١)

وسيأتي تحقيق المسألة بالتفصيل، وترجيح المذهب الراجح بدليله في المسألة التاسعة، إن شاء اللَّه تعالى.

(فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ) ومثله المرأة (نًاقِصَةً) منصوب على أنه خبر "كانت" (مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً) منصوب على التمييز (وَاحِدَةً) بالنصب على نزع الخافض، أي بواحدة، أو على أنه مفعول "ناقصة"، أو حال من ضمير "ناقصة". ويحتمل أن يكون "شاة" مفعول "ناقصة"، و"واحدةً" وصفٌ لها، والتمييز محذوف؛ للدلالة عليه. وروي "بشاة واحدةٍ" بالجر (فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ) يعني أنه إذا كان عند الرجل سائمة تنقص واحدة من أربعين، فلا زكاة عليه فيها، وبطريق الأولى إذا نقصت زائدًا على ذلك (إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا) أي إلا إذا أراد صاحب تلك السائمة الناقصة أن يتطوّع بالتصدق منها، فله ذلك، وله الأجر العظيم.


(١) - سيأتي ترجيحُ ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة -رَحِمَهُ اللَّهُ- في تفسير الخليط في المسألة التاسعة، إن شاء اللَّه تعالى.