للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويؤيّده أيضًا ما يأتي من قوله في - صلى اللَّه عليه وسلم -: "ومن بلغت عنده صدقة الجَذَعة، وليست عنده جذَعةٌ، وعنده حقّةٌ فإنها تقبل منه الخ، فلو كان البعير يجزئ عن الشياه الأربع مثلًا لبيّنه، كما بين ذلك في وجوب ابنة مخاض، حيث قال: "فإن لم تكن بنت مخاض، فابن لبون ذكر".

وأما قولهم: ولأن الأصل أن يجب من جنس المال، وإنما عُدل عنه رفقًا الخ، فقد تُعُقّب بأنه قياس في مقابلة النصّ (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): اختُلف في الأوقاص -وهو ما بين الفرضين- على قولين: فذهب مالك في رواية، والشافعيّ في الجديد، وأحمد، وأبو حنيفة، وأبو يوسف، وداود إلى أنّ الزكاة في النصاب فقط، دون العفو، وهو الصحيح في مذهب مالك. وقال ابن المنذر: قال أكثر العلماء: لا شيء في الأوقاص.

وذهب مالك في رواية، والشافعيّ في القديم، ومحمد بن الحسن، وزُفَر إلى أنها في النصاب والعفو جميعًا.

ويظهر أثر الخلاف فيمن له مثلاً تسعٌ من الإبل، فتلف أربعة بعد الحول، وقبل التمكّن من الأداء، حيث قلنا: إنه شرط في الوجوب، وجبت عليه شاة بلا خلاف، وكذا إن قلنا: التمكّن شرط في الضمان، وقلنا: الوقص عفوٌ، وإن قلنا: يتعلّق به الفرض وجب خمسة أتساع شاة.

وقال النوويّ: أكثر ما يتصوّر من الأوقاص في الإبل تسعٌ وعشرون، وفي البقر تسع عشرة، وفي الغنم مائة وثمان وتسعون، ففي الإبل ما بين إحدى وتسعين، ومائة وإحدى وعشرين، وفي البقر ما بين أربعين، وستين، وفي الغنم ما بين مائتين وواحدة، وأربعمائة انتهى.

[تنبيه]: "الوقص" -بفتح الواو، والقاف، ويجوز إسكانها، وبالسين المهملة، بدل الصاد-: هو ما بين الفرضين، عند الجمهور، واستعمله الشافعيّ فيما دون النصاب الأول أيضًا. قاله في "الفتح" (٢).

وقال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى- في "شرح المهذب": "الوقص" -بفتح القاف، وإسكانها- لغتان، أشهرهما عند أهل اللغة الفتح، والمستعمل منهما عند الفقهاء الإسكان، واقتصر الجوهريّ وغيره من أصحاب الكتب المشهورة في اللغة على الفتح،


(١) - راجع "المرعاة": ج٦ ص ١٠٠.
(٢) - "فتح" ج٤ ص٧٧.