زيادة، فعندها يجب في كلّ أربعين بنت لبون، وقد جاء مصرّحًا بذلك عند الدارقطنيّ في آخر هذا الحديث:"فإذا كانت إحدى وعشرين ومائة، ففيها ثلاث بنات لبون، حتى تبلغ تسعًا وعشرين ومائة"، ومثله في كتاب عمر - رضي اللَّه عنه -، وكتاب عمرو بن حزم، كما تقدّم، والحديث وإن كان فيه ضعف، إلا أنّ له شواهد يتقوّى بها. واللَّه تعالى أعلم.
وقال الخطّابيّ: فيه دليلٌ على أن الإبل إذا زادت على العشرين ومائة لم يستأنف لها الفريضة؛ لأنه علّق تغيّر الفرض بوجود الزيادة، وقد يحصل وجود الزيادة بالواحدة، كحصولها بأكثر منها، وعلى هذا وُجد الأمر في أكثر الفرائض، فإن زيادة الواحد بعد منتهى الْوَقَص توجب تغيّر الفريضة، كالواحدة بعد الخامسة والثلاثين، وبعد الخامسة والأربعين، وبعد كمال الستين (١).
(الثاني): ذهب أبو عُبيد، ومحمد بن إسحاق، وأحمد في رواية إلى أنها لا تجب فيما زاد على العشرين والمائة شيء، حتى تكون مائة وثلاثين، ففيها حقّة، وبنتا لبون، فلا يتغيّر الفرض عندهم، ولا يتعدّى إلى ثلاثين ومائة، وهو رواية عن مالك، رواها عنه عبد الملك، وأشهب، وابن نافع.
واستُدلّ لهم بأن قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "فإذا زادت على عشرين ومائة … " الحديث، يقتضي أن يكون تغيّر الفرض في عدد يجب السِّنَّان معًا، أي المراد بالزيادة هي التي يمكن اعتبار المنصوص عليه فيها، وذلك لا يكون فيما دون العشر.
وأجيب عنه بأن هذا غير لازم، وذلك أنه إنما علّق تغيّر الفرض بوجود الزيادة على المائة والعشرين، وجعل بعدها في أربعين ابنة لبون، وفي خمسين حقّة، وقد وجدت الأربعونات الثلاث في هذا النصاب، فلا يجوز أن يسقط الفرض، ويتعطّل الحكم، وإنما اشترط وجود السّنّين في محلّين مختلفين، لا في محلّ واحد، فاشتراطهم وجودهما معًا في واحد غلطٌ.
واستُدلّ لهم أيضًا بأن الفرض لا يتغيّر بزيادة الواحدة، كسائر الفروض.
وأجيب عنه بأنه ما تغيّر بالواحدة وحدها، وإنما تغيّر بها مع ما قبلها، فأشبهت الواحدة الزائدة على التسعين، والستّين، وغيرهما.
واستدلّ لهم أيضًا بما روى أبو عُبيد في "كتاب الأموال" عن يزيد بن هارون، عن حبيب بن أبي حبيب، عن عمرو بن هرم، عن محمد بن عبد الرحمن، أن في كتاب صدقة النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وفي كتاب عمر في الصدقة: أن في الإبل إذا زادت على عشرين