للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومائة، فليس فيما دون العشر شيء، حتى تبلغ ثلاثين ومائة (١).

وأجيب بأن هذا مرسل، ولا حجّة فيه. وأيضًا قد رواه الدارقطنيّ، والحاكم، والبيهقيّ، مطوّلاً، وفيه: "فإذا زادت على العشرين ومائة واحدة، ففيها ثلاث بنات لبون، حتى تبلغ تسعًا وعشرين ومائة، فإذا كانت الإبل أكثر من ذلك، فليس فيما لا يبلغ العشر منها شيء حتى يبلغ العشر" انتهى.

وهذا -كما ترى- نصّ في القول الأول، وصريح في الرّدّ على القول الثاني.

(الثالث): ذهب مطرّف، وابن أبي حازم، وابن دينار، وأصبغ إلى أن الساعي بالخيار بين أن يأخذ في إحدى وعشرين ومائة ثلاث بنات لبون، أو حقّتين، أيّ الصنفين أدّى أجزأه إلى أن يبلغ ثلاثين ومائة، فيجب فيها حقّة وبنتا لبون، وهو رواية عن مالك أيضًا، وهو مختار فروع المالكيّة.

قال ابن حزم: قول مالك في التخيير بين إخراج حقتين، أو ثلاث بنات لبون خطأ، فإن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - فرق بين حكم العشرين ومائة، فجعل حقّتين بنصّ كلامه، وبين حكم ما زاد على ذلك، فلم يجز أن يسوى بين حكمين فرق رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بينهما، ولا نعلم أحدًا قبل مالك قال بهذا التخيير انتهى (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: أرجح المذاهب عندي المذهب الأول، وهو أنه إذا زادت الإبل على مائة وعشرين واحدة ففيها ثلاث بنات لبون، إلى أن تصير مائة، وثلاثين، ففيها حقّة، وبنتا لبون، ثم كلما زادت عشرة، كان في كلّ خمسين حقّة، وفي كلّ أربعين بنت لبون، لظاهر حديث الباب، وأصرح منه ما في كتاب عمر - رضي اللَّه عنه -، وكتاب عمرو بن حزم، من أنه إذا كانت إحدى وعشرين ومائة، ففيها ثلاث بنات لبون، حتى تبلغ تسعًا وعشرين ومائة، والحديث، وإن تكلّم فيه إلا أنّ له شواهد تقويه، كما سبق. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السابعة): اختُلف في حكم ما بعد العشرين والمائة:

ذهب الأئمة الثلاثة: مالك، والشافعيّ، وأحمد، إلى أنه يدور الحكم بعد العشرين والمائة على الأربعينات والخمسينات أبدًا، من غير أن تُستأنف الفريضة، فيتغير الفريضة عندهم بعد العدد المذكور إلى بنت لبون في كلّ أربعين، وإلى حقّة في كلّ خمسين، ولا تعود إلى الأول.

واحتجّوا لذلك بما روي في كتاب أبي بكر الصدّيق، وفي كتاب عمر، وفي كتاب


(١) - راجع "كتاب الأموال" ص٣٦٧ - ٣٦٩.
(٢) - "المحلّى" ج٥ ص٣١.