مسح مقدم الرأس من غير مسح على العمامة، ولا تعرض لسفر، وهو ما رواه الشافعي من حديث عطاء، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ فحسر العمامة عن رأسه، ومسح مقدم رأسه. وهو مرسل لكنه اعتضد بمجيئه من وجه آخر موصولا، أخرجه أبو داود من حديث أنس، وفي إسناده أبو معقل، لا يعرف حاله، فقد اعتضد كل من المرسل والموصول بالآخر وحصلت القوة من الصورة المجموعة، وهذا مثال لما ذكره الشافعي من أن المرسل يعتضد بمرسل آخر، أو مسند، وظهر بهذا جواب من أورد أن الحجة حينئذ بالمسند، فيقع المرسل لغوا، وقد قررت (١) جواب ذلك فيما
كتبته على علوم الحديث لابن الصلاح، وفي الباب أيضا عن عثمان في صفة الوضوء قال:"ومسح مقدم رأسه" أخرجه سعيد بن منصور، وفيه خالد بن يزيد بن أبي مالك مختلف فيه.
وصح عن ابن عمر الاكتفاء بمسح بعض الرأس، قاله ابن المنذر وغيره، ولم يصح عن أحد من الصحابة إنكار ذلك، قاله ابن حزم، وهذا كله مما يقوي به المرسل المتقدم ذكره، والله أعلم اهـ فتح ١/ ٣٥١.
وقال الزرقاني: وأخرج ابن خزيمة عن إسحاق بن عيسى بن الطباع قال: سألت مالكًا عن الرجل يمسح مقدم رأسه في وضوئه أيجزيه ذلك؟ فقال: حدثني عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن عبد الله بن زيد قال:"مسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وضوئه من ناصيته إلى قفاه ثم رد يديه إلى ناصيته فمسح رأسه كله" فإن كان لفظ الآية محتملًا مسح الكل فالباء زائدة، أو البعض فتبعيضية، فقد تبين بفعله - صلى الله عليه وسلم - أن المراد الأول، ولم ينقل عنه أنه مسح بعض رأسه إلا في حديث المغيرة أنه مسح على ناصيته، وعمامته، رواه مسلم، قال علماؤنا: -يعني المالكية- ولعل ذلك كان لعذر بدليل أنه لم يكتف بمسح لناصية، حتى مسح على