(عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ) أي من العِظَم، والسِّمَن، ومن الكثرة؛ لأنها تكون عنده على حالات مختلفة، فتأتي على أكملها ليَكون ذلك أنكى له لشدّة ثقلها (إِذَا هِيَ لَمْ يُعْطِ) بالبناء للفاعل، والضمير لـ"ربها". ويحتمل أن يكون بالبناء للمفعول، والنائب عن الفاعل "حقّها"، والأول أوضح (فِيهَا) أي منها، فـ"في" بمعنى "من"(حَقَّهَا) أي لم يؤدّ زكاتها، أو ما هو أعمّ، وهذا أولى بدليل قوله:"ومن حقها أن تُحلب الخ"(تَطَؤُهُ) مضارع وَطِئَهُ -بالكسر-: إذا داسه، أي تدُوسه تلك الإبل (بأَخْفَافِهَا) جمع خفّ بالضمّ: وهو مَجْمَعُ فِرْسِنِ البعير، وقد يكون للنعام، أو الخفُّ لَا يكون إلا لهما. قاله في "القاموس"(وَتَأتِي الغَنَمُ عَلَى رَبِّهَا، عَلَى خَيرِ مَا كَانَتْ، إِذَا لَمْ يُعْطِ فِيهَا حَقَّهَا، تَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا) جمع ظِلْف -بكسر، فسكون- بمنزلة القدم للإنسان، ويكون للبقر، والشاة، والظبي، ونحوها (وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا) بكسر الطاء، وفتحها، من بابي مَنَعَ، وضَرَبَ.
(قَالَ: وَمِنْ حَقِّهَا) أي المندوب على ما قاله الجمهور، أو الواجب على ما قاله بعضهم، وهو الحقّ على ما يأتي بيانه، و"من" للتبعيض (أَنْ تُحْلَبَ) بحاء مهملة، مبنيا للمفعول، أي لمن يحضرها من المساكين. وذكره الداوديّ -بالجيم- وفسّره بالإحضار إلى المصدّق. وتعقّبه ابن دحية، وجزم بأنه تصحيف.
ولفظ مسلم:"حلبها". قال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: هو بفتح اللام على اللغة المشهورة، وحكي إسكانها، وهو غريب ضعيف، وإن كان هو القياس انتهى (١).
(عَلَى الْمَاءِ) أي في محلّ سقيها الماء. ولفظ مسلم:"يوم وردها" -بكسر الواو. أي إتيانها إلى الماء، أو نوبة الإتيان إلى الماء، فإن الإبل تأتي الماء في كلّ ثلاثة أيام، أو أربعة، وربما تأتي في ثمانية.
وإنما خصّ الحلب بموضع الماء ليكون أسهل على المحتاجين من قصد المنازل، وأرفق بالماشية. قاله في "الفتح".
ولأنه حالة كثرة لبنها؛ ولأن الفقراء يحضرون هناك لذلك. وفي هذا دليل لمن يرى في المال حقوقًا غير الزكاة. قاله في "طرح التثريب".
وقال الطيبيّ: معناه أن يُسقى ألبانها المارّة، ومن ينتاب المياه من أبناء السبيل. وقيل: أمران يحلبها صاحبها عند الماء ليصيب ذوو الحاجة منه، وهذا مثل نهيه - صلى اللَّه عليه وسلم - عن الجذاذ بالليل، أراد أن يُصرَمَ بالنهار ليحضره الفقراء انتهى.