للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما بوّب ده المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو جواز إعطاء سيد المال خيار ماله من غير أن يختار المصَدّق، ووجه ذلك أنّ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - لَمّا أَخبَر أنّ العباس يدفع صدقته ومثلها معها، وتحمّل عنه ذلك، وقام بالدفع نيابةً عنه، دلّ على أن زيادة المالك في الصدقة باختياره، من غير طلب المصدّق جائز. واللَّه تعالى أعلم.

(ومنها): أنه استُدلّ بقصّة خالد على جواز إخراج مال الزكاة في شراء السلاح، وغيره، من آلات الحرب، والإعانة بها في سبيل اللَّه تعالى؛ بناءً على أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - أجاز لخالد أن يحاسب نفسه بما حبسه فيما يجب عليه، وهذه طريقة البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-.

وأجاب الجمهور عنه بأجوبة:

(أحدها): أن المعنى أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - لم يقبل إخبار من أخبره بمنع خالد؛ حملاً على أنه لم يصرّح بالمنع، وإنما نقلوه عنه بناءً على ما فهموه، ويكون قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "تظلمونه" أي بنسبتكم إياه إلى المنع، وهو لا يمنع، وكيف يمنع الفرض، وقد تطوّع بتحبيس سلاحه، وخيله؟.

(ثانيها): أنهم ظنّوا أنها للتجارة، فطالبوه بزكاة قيمتها، فأعلمهم - صلى اللَّه عليه وسلم - بأنه لا زكاة عليه فيما حبس. قال الحافظ: وهذا يحتاج لنقل خاصّ، فيكون فيه حجّة لمن أسقط الزكاة عن الأموال المحبّسة، ولمن أوجبها فى عروض التجارة.

(ثالثها): أنه كان نوى بإخراها عن ملكه الزكاة عن ماله لأن أحد الأصناف سبيلُ اللَّه، وهم المجاهدون. وهذا يقوله من يُجيز إخراج القيم في الزكاة، كالحنفيّة، ومن يُجيز التعجيل، كالشافعيّة.

(ومنها): استُدلّ بقصة خالد - رضي اللَّه عنه - أيضًا على مشروعيّة تحبيس الحيوان والسلاح، وأن الوقف يجوز بقاؤه تحت يد محتبسه.

(ومنها): جواز إخراج العُرُوض في الزكاة، وهو مذهب الامام البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، حيث قال في "صحيحه": وقال طاوس: قال معاذ - رضي اللَّه عنه - لأهل اليمن: ائتوني بعَرْضٍ ثيابٍ، خَمِيصٍ، أو لَبِيس، في الصدقة مكان الشعير والذُّرَة، أهون عليكم، وخيرٌ لأصحَاب النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بالمدَينة. وقال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "وأما خالد احتبس أدراعه، وأعتده في سبيل اللَّه" انتهى.

قال ابن رُشيد: وافق البخاريُّ في هذه المسألة الحنفيّةَ مع كثرة مخالفته لهم، لكن قاده إلى ذلك الدليل انتهى.