والسُّلْت، والأرز، والذّرة، والدُّخْن، أو من الْقِطْنيّات (١)، كالباقلّا، والعَدَس، والماش، ونحوها، أو البزور، كبِزْر الكتّان، والقثّاء، والخيار، ونحوها، أو حبّ البقول، كالفُجْل، والسمسم، وسائر الحبوب.
وحكي عنه لا زكاة إلا في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، وهو قول موسى بن طلحة، والحسن البصريّ، وابن سيرين، والشعبيّ، والحسن بن صالح، وابن أبي ليلى، وابن المبارك، وأبي عُبيد، ورجحه الصنعانيّ، والشوكانيّ.
واستُدلّ لهذا القول بأن ما عدا هذه لا نصّ فيها، ولا إجماع، ولا هو في معناها في غلبة الاقتيات بها، وكثرة نفعها، ووجودها، فلم يصحّ قياسه عليها، ولا إلحاقه بها، فيبقى على النفي الأصليّ.
وأما عموم الآية، والحديث فهو مخصوص بأحاديث الخضروات، وبالأحاديث الواردة بصيغة الحصر في الأقوات الأربعة. قالوا: وهي مرويّةٌ بطرق متعدّدة يقوّي بعضها بعضًا، فتنتهض لتخصيص هذه العمومات.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: وتعقّب بأن أحاديث الخضروات، وأحاديث الحصر في الأربعة، لا تصحّ أصلاً، ولا تتقوّى، فلا تُعارض عموم الآية، والحديث المذكور، فقد احتجّوا بأحاديث كثيرة على الحصر في الأشياء الأربعة، ولكنّها كلّها لا تثبت:
(فمنها): ما روى الدارقطنيّ (ص ٢٠١) والحاكم (جـ ١ ص ٤٠١) والبيهقيّ ٤/ ١٢٥ والطبرانيّ من طريق طلحة بن يحيى، عن أبي بردة، عن أبي موسى، ومعاذ بن جبل أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بعثهما إلى اليمن، فأمرهما أن يُعَلِّمَا الناس أمر دينهم، وقال:"لا تأخذوا في الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة: الشعير، والحنطة، والزبيب، والتمر". قال الحاكم: إسناد صحيح، ووافقه الذهبيّ. وقال البيهقيّ: رجاله رجال الصحيح. ونقل الحافظ في "التلخيص" ٢/ ٣٢٢ - عن البيهقيّ، أنه قال: رواته ثقات، وهو متّصل. وقال في "الدراية" ص ١٦٤: في الإسناد طلحة بن يحيى مختلف فيه، وهو أمثل ما في الباب انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: تصحيح الحاكم، وموافقة الذهبيّ له، غير صحيح، لأن الحديث فيه ثلاث علل:
(أحدها): عنعنة سفيان الثوريّ، فإنه معروف بالتدليس، وهذه العلّة بمفردها تكفي
(١) -بالكسر، حكاه ابن قتيبة بالتخفيف، وأبو حنيفة بالتشديد: الحبوب التي تدّخر. وذكره في "اللسان" بضم القاف ضبط قلم، وقال: ما كان سوى الحنطة، والشعير، والزبيب، والتمر. أو هو اسم جامع للحبوب التي تُطبخ. أفاده في هامش "المغني" ج ٤ ص ١٥٥.