للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"أحصي ما يخرج منها" … وفيه: فلما أتى وادي القرى، قال للمرأة: "كم جاء حديقتك؟ "، قالت: عشرة أوسق، خَرْصَ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - … الحديث بطوله.

(ومنها): ما أخرجه أبو داود، والترمذيّ، ويأتي للمصنّف برقم ١٠٠/ ٢٦١٨ عن سعيد بن المسيّب، عن عتّاب بن أَسيّد - رضي اللَّه عنه -: أمر رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أن يُخرص العنب، كما يُخرص النخل، وتؤخذ زكاته زَبيبًا، كما تؤخذ صدقة النخل تمرًا".

[فإن قلت]: هذا غير صحيح، لأنه منقطعٌ، فقد قيل: إن عتابًا لم يسمع منه ابن المسيّب، فإنه مات يوم مات أبو بكر الصديق - رضي اللَّه عنهما -، على ما قاله الواقديّ، وسعيد إنما وُلد لسنتين مضتا من خلافة عمر - رضي اللَّه عنه -.

[قلت]: دعوى عدم الصحة فيه غير صحيحة؛ لأمرين:

(الأول): أن دعوى الانقطاع فيه مبنيّ على قول الواقديّ: إنه مات يوم مات أبو بكر، والواقديّ ضعيف، والراجح أن عتابًا كان من عمّال عمر - رضي اللَّه عنه -، وإنما توفّي في أواخر حياته.

قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- في ترجمة عتّاب - رضي اللَّه عنه -: روى الطيالسيّ، والبخاريّ في "تاريخه" من طريق أيوب بن عبد اللَّه بن يسار (١)، عن عمرو بن أبي عقرب (٢)، سمعت عتّابًا، فذكر حديثًا، وإسناده حسنٌ، ومقتضاه أن عتّابًا تأخّرت وفاته عما قال الواقديّ؛ لأن عمرو بن أبي عقرب ذكره البخاريّ في التابعين، وقال: سمع عتّابًا. ويؤيّد ذلك أن الطبريّ ذكر عتّابًا فيمن لا يُعرف تاريخ وفاته، وقال في "تاريخه": إنه كان والي عمر سنة عشرين، وذكره قبل ذلك في سني عمر، ثم ذكره في سنة (٢٢) ثمّ قال في مقتل عمر سنة (٢٣) قتل، وعامله على مكّة نافع بن عبد الحارث انتهى. فهذا يُشعر بأن موت عتّاب كان في أواخر سنة (٢٢) أو أوائل سنة (٢٣)، فعلى هذا فيصحّ سماع سعيد بن المسيّب منه انتهى كلام الحافظ (٣).

(الثاني): أن مرسلات سعيد بن المسيّب من أصحّ المراسيل، كما نُقِل عن الشافعيّ، وأحمد، وابن معين، وابن المدينيّ، وغيرهم من أئمة كبار المحدثين، انظر "شرح علل الترمذيّ" للحافظ ابن رجب في بحث المرسل ص ١٧٩ - ١٨٦. بتحقيق صبحي السامرّائيّ.


(١) - ترجمه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" ج ٢ ص ٢٥٢، وقال: روى عنه عبد اللَّه وخالد ابنا أبي عثمان، يعدّ في البصريين انتهى. ووثقه ابن حبّان.
(٢) - ترجمه البخاريّ في "التاريخ الكبير" ج ٦ ص ٣٥٦.
(٣) - "تهذيب التهذيب" ج ٣ ص ٤٨.