للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الخطّاب، وسهل بن أبي حثمة، ومروان، والقاسم بن محمد، وعطاء، والزهريّ، وعمرو بن دينار، ومالك، والشافعيّ، وأحمد، وأبو عبيد، وأبو ثور.

ثم اختلفوا، هل هو واجبٌ، أو مستحبٌ؟ فقال الشافعيّ في أحد قوليه بوجوبه، مستدلا بما في حديث عتّاب بن أَسيد: أمر رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أن يُخرص العنب، كما يُخرص النخل، ويؤخذ زكاته زبيبًا". رواه أحمد، وأصحاب السنن. قال الصنعانيّ -رحمه اللَّه تعالى-: والحديث دليلٌ على وجوب خرص التمر والعنب؛ لأن قول الراوي: "أمر" يُفهم منه أنه أتى - صلى اللَّه عليه وسلم - بصيغة تفيد الأمر، والأصل فيه الوجوب انتهى.

وقال الجمهور: هو مستحبّ، وهي رواية عن الشافعيّ، إلا إن تعلّق به حقٌّ لمحجور مثلاً، أو كان شُركاؤه غير مؤتمنين، فيجب لحفظ مال الغير. وروي عن الشافعيّ أنه جائز فقط.

وقال الشعبيّ، والثوريّ، وأبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد: الخرص مكروه.

وقال الشعبيّ: الخرص بدعة. وقال الثوريّ: خرص الثمار لا يجوز. وقال ابن رُشد: قال أبو حنيفة، وصاحباه: الخرص باطلٌ، وعلى ربّ المال أن يؤدّي عشر ما تحصّل بيده، زاد على الخرص، أو نقص منه.

واستدلّ الجمهور لمشروعيّة الخرص بالأحاديث المتقدّمة في المسألة الأولى.

وأجاب الحنفيّة عنها بوجوه:

(الأول): الكلام في أسانيدها. قال ابن العربيّ: ليس في الخرص حديث صحيح، إلا حديث أبي حميد الساعديّ عند الشيخين، ويليه ما روي في خرص ابن رواحة على أهل خيبر.

وتُعقّب بأن حديث سهل بن أبي حثمة صحيح، وحديث عتّاب حسنٌ، كما تقدّم البحث عنهما مستوفىً.

(الثاني): أنه منسوخ بنسخ الربا. قال الخطابيّ: قال بعض أصحاب الرأي إنما كان جوازه قبل تحريم الربا والقمار.

وتعقبه في "المعالم " (٢/ ٤٤) بأن تحريم الربا والقمار والميسر متقدّم، والخرص عُمل به في حياة النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - حتى مات، ثم أبو بكر، وعمر، فمن بعدهم، ولم يُنقل عن أحد منهم، ولا عن التابعين خلاف فيه، إلا عن الشعبيّ انتهى.

وقال الإمام ابن القيّم في "إعلام الموقّعين": "المثال التاسع والعشرون" ردّ السنّة الصحيحة الصريحة المحكمة في خرص الثمار في الزكاة، والعرايا، وغيرها، إذا بدا صلاحها، ثم ذكر أحاديث الخرص، ثم قال: فردّت هذه السنن كلها بقوله تعالى: {إِنَّمَا