للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثُمَّ حَكِيمٌ مُفْرَدٌ بِأَنْ وُلِدْ … بِكَعْبَةٍ وَمَا لِغَيْرِهِ عُهِدْ

وهذا كله قد سبق، وإنما أعدته تذكيرًا؛ لطول العهد به. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَن الزُّهْرِيِّ) وفي رواية للبخاريّ في "كتاب الرِّقَاق": "سمعت الزهريّ يقول … " (قَالَ: أَخْبَرَني سَعيدٌ) هو ابن المسيّب الفقيه الحجة المدنيّ (وَعُرْوَةُ) بن الزبير بن العوّام الفقيه الحجة المدنيّ أيضًا (سَمِعَا) يقدّر قبله "أنّ" واسمها: أي أنهما سمعا (حَكِيمَ بْنَ حِزَام) - رضي اللَّه عنه - (يَقُولُ: سأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي المالَ (فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سأَلْتُهُ، فَأَعْطَانِي، ثُمّ سَأَلْتُهُ، فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ) وفي الرواية الآتية-٩٣/ ٢٦٠٣ - : ثم قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "يا حكيم … " ("إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ) بفتح الخاء المعجمة، وكسر الضاد المعجمة، قال في "القاموس": والْخَضِرُ، كَكَتِفٍ: الْغُصن، والزرع، والْبَقْلَةُ الْخَضْرَاء، كالْخَضِرَة، والْخَضِيرِ انتهى (حُلْوَةٌ) بضمّ، فسكون: ضدّ الْمُرّة.

قال الزركشيّ -رحمه اللَّه تعالى-: تأنيث الخبر تنبيهٌ على أن المبتدأ مؤنّثٌ، والتقدير: أن صورة هذا المال، أو يكون التأنيث للمعنى؛ لأنه اسمٌ جامعٌ لأشياء كثيرة، والمراد بالخَضِرَة الروضة الخضراء، أو الشجرة الناعمة، والحلوة المستحلاة الطعم. انتهى (١).

وقال العينيّ -رحمه اللَّه تعالى-: التأنيث: إما باعتبار الأنواع، أو الصورة، أو تقديرُهُ: كالفاكهة الخَضرَة الحُلْوَة، شبّهَ المالَ في الرغبة فيه بها، فإن الأخضر مرغوب من حيث النظر، والحلو من حيث الذّوقُ، فإذا اجتمعا زادا في الرغبة.

حاصله أن التشبيه في الرغبة فيه، والميل إليه، وحرص النفوس عليه بالفاكهة الخضراء المستلذّة، فإن الأخضر مرغوب فيه على انفراده، والحلو كذلك على انفراده، فاجتماعهما أشدّ، وفيه إشارة إلى عدم بقائه؛ لأن الخضروات لا تبقى، ولا تراد للبقاء.

قاله في "عمدة القاري" (٢). (فَمَنْ أَخَذَهُ) أي من أخذ المال الذي يُبذل له (بطِيبِ نَفْسٍ) أي مع طيّب نفس، فالباء للمصاحبة، يعني أنه أخذه من غير شَرَهٍ، ولا إلحاح. وفي الرواية الآتية في ٩٣/ ٢٦٠٣ - : "بسخاوة نفس". قال القاضي: فيه احتمالان: أظهرهما أنه عائدٌ إلى الآخذ، أي من أخذه بغير حرصٍ، وطمع، وإشراف عليه.

والثاني: إلى الدافع، أي من أخذه ممن يدفعه منشرحًا بدفعه، طيّب النفس انتهى (٣) (بُورِكَ لَهُ فِيهِ) أي جعل اللَّه تعالى البركة له في ذلك المال (وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشرَافِ نَفْسٍ)


(١) - ذكره في "زهر الربى" ج ٥ ص ٦٠.
(٢) - "عمدة القاري" ج ٩ ص ٥٢.
(٣) - "عمدة القاري" ج ٩ ص ٥٢.