للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

{لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [فصّلت: ٨] أي غير مقطوع، فيكون معناه: البخيل بقطعه عطاء ما يجب عليه للمستحقّ، كما جاء في حديث آخر: "البخيل المنّان" (١)، فنعته به. والتأويل الأول أظهر. أفاده القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى- (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الحديث الذي أشار إليه القرطبيّ أخرجه أحمد في "مسنده"، فقال:

٢١٠٢٠ - حدثنا يزيد، أخبرنا الأسود بن شيبان، عن يزيد أبي العلاء، عن مطرف ابن عبد اللَّه بن الشخير، قال: بلغني عن أبي ذر حديث، فكنت أحب أن ألقاه، فلقيته، فقلت له: يا أبا ذر، بلغني عنك حديث، فكنت أحبّ أن ألقاك، فأسألَكَ عنه، فقال: قد لقيت، فاسأل، قال: قلت: بلغني أنك تقول: سمعت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، يقول: "ثلاثة يحبهم اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، وثلاثة يبغضهم اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-"، قال: نعم، فما أخالني، أكذب على خليلي محمد - صلى اللَّه عليه وسلم -، ثلاثا، يقولها، قال: قلت: مَن الثلاثة الذين يحبهم اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-؟، قال: "رجل غزا في سبيل اللَّه، فلقي العدوَّ، مجاهدا محتسبا، فقاتل حتى قُتِل"، وأنتم تجدون في كتاب اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} [الصف: ٤]، "ورجل له جار يؤذيه، فيصبر على أذاه، ويحتسبه، حتى يكفيه اللَّه إياه بموت، أو حياة، ورجل يكون مع قوم، فيسيرون حتى يشق عليهم الْكَرَى"، أو "النعاس"، فينزلون في آخر الليل، فيقوم إلى وضوئه، وصلاته قال: قلت: مَن الثلاثة الذينِ يبغضهم اللَّه؟ قال: "الفخور المختال، وأنتم تجدون في كتاب اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد: ٢٣]، والبخيل المنان، والتاجر، والبَيّاع الحلاف"، قال: قلت: يا أبا ذر، ما المال؟ قال: فرق لنا، وذود -يعني بالفرق غنما يسيرة- قال: قلت: لست عن هذا أسال، إنما أسألك عن صامت المال، قال: ما أصبح لا أمسى، وما أمسى لا أصبح، قال: قلت: يا أبا ذر، مالك ولإخوتك قريش؟ قال: واللَّه لا أسألهم دنيا، ولا أستفتيهم عن دين اللَّه تبارك وتعالى، حتى ألقى اللَّه ورسوله ثلاثًا يقولها. انتهى (٣). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث عبد اللَّه بن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا حسنٌ. وعبد اللَّه بن يسار روى


(١) - رواه أحمد من حديث أبي ذرّ - رضي اللَّه تعالى عنه - بإسناد صحيح
(٢) - راجع "المفهم" ج١ ص ٣٠٤ - ٣٠٥.
(٣) - الحديث رجاله رجال الصحيح، ويزيد هو ابن هارون. واللَّه تعالى أعلم.