(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٧٤/ ٢٥٦٩ - وفي "الكبرى" ٧٦/ ٢٣٥٠. وأخرجه (ت) في "الجهاد" ١٦٥٢ (الموطأ) في "الجهاد" ٩٧٦ (الدارميّ) في "الجهاد" ٢٢٩٥. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان ذمّ من يسأل باللَّه تعالى، ولا يعطي (ومنها): بيان فضل الجهاد في سبيل اللَّه تعالى (ومنها): فضل العزلة عن الناس، مع أداء حقوق اللَّه تعالى، لما فيه من السلامة من الغيبة، واللغو، ونحو ذلك لكن قال الجمهور محلّ ذلك عند وقوع الفتن. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم العزلة:
اختلف السلف -رحمهم اللَّه تعالى- في أصل العزلة، فذهب الجمهور إلى أن الاختلاط أولى؛ لما فيه من اكتساب الفوائد الدينيّة للقيام بشعائر الدين، وتكثير سواد المسلمين، وإيصال أنواع الخير إليهم، من إعانة، وإغاثة، وعيادة، وغير ذلك.
وقال قوم: العزلة أولى؛ لتحقّق السلامة بشرط معرفة ما يتعيّن.
وقال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: المختار تفضيل المخالطة لمن لا يغلب على ظنّه أنه يقع في معصية، فإن أشكل الأمر، فالعزلة أولى. وقال غيره: يختلف باختلاف الأشخاص، فمنهم من يتحتّم عليه أحد الأمرين. ومنهم من يترجّح، وليس الكلام فيه، بل إذا تساويا، فيختلف باختلاف الأحوال، فإن تعارضا اختلف باختلاف الأوقات، فمن يتحتّم عليه المخالطة من كانت له قدرة على إزالة المنكر، فيجب عليه إما عينًا، وإما كفايةً بحسب الحال والإمكان. وممن يترجّح من يغلب على ظنّه أنه يسلم في نفسه إذا قام في الأمر في المعروف، والنهي عن المنكر. وممن يستوي من يأمن على نفسه، ولكنه يتحقّق أنه لا يطاع. وهذا حيث لا يكون هناك فتنة عامّة، فإن وقعت الفتنة ترجّحت العزلة لما ينشأ فيها غالبًا من الوقوع في المحذور، وقد تقع العقوبة بأصحاب الفتنة، فتعمّ من ليس من أهلها، قال تعالى:{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}.
قال الحافظ: ويؤيّد التفصيل المذكور حديث أبي سعيد - رضي اللَّه عنه - أيضًا:"خير الناس رجلٌ جاهد بنفسه وماله، ورجلٌ في شعب من الشعاب يعبد ربه، ويدع الناس من شرّه". انتهى (١).