للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقيل: ما بين الريش والنصل. و"الْقُذَذ" -بضمّ القاف، ومعجمتين، الأولى مفتوحة، جمع قُذّة: وهي رِيش السهم، يقال لكلّ واحدة قُذّة، ويقال: هو أشبه من القذّة بالقذّة؛ لأنها تُجعل على مثال واحد. وقوله: "آيتهم" أي علامتهم. وقوله: "بضعة" -بفتح الموحّدة: أي قطعة لحم. وقوله: "تدردر": أي تضطرب، وتتحرّك. وقوله: "على حين فُرْقة": أي يخرجون فى وقت افتراق الناس. وفي رواية لمسلم: "تمرق مارقة عند فُرقة من المسلمين، تقتلها أوْلى الطائفتين بالحقّ".

وفي هذا، وقولِهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "تقتل عمّارًا الفئة الباغية" دلالة واضحة على أن عليًّا - رضي اللَّه تعالى عنه -، ومن معه كانوا على الحقّ، وأن من قاتلهم كانوا مخطئين في تأويلهم. واللَّه تعالى أعلم (١).

(لَئِنْ أَدْرَكتُهُمْ، لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) أي قتلًا عامًّا، مستأصلًا، كما قال تعالى: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} [الحاقة: ٨]. وفي رواية "قتل ثمود". قال القرطبيّ: ووجه الجمع أن يكون النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قال كليهما، فذكر أحد الرواة أحدهما، وذكر الآخرُ الآخرَ. ومعنى هذا أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - كان يقتلهم قتلًا عامًّا، بحيث لا يُبقِي منهم أحدًا في وقت واحد، لا يؤخّر قتل بعضهم عن بعض، ولا يُقيل أحدًا منهم، كما فَعَل اللَّه بعاد، حيث أهلهكم بالريح العقيم، وبثمود، حيث أهلكهم بالصَّيْحَة انتهى (٢).

وقال في "الفتح": وقد استُشكل قوله: "لئن أدركتهم لأقتلتهم" مع أنه نهى خالدًا عن قتل أصلهم.

وأجيب بأنه أراد إدراك خروجهم، واعتراضهم على المسلمين بالسيف، ولم يكن ظهر ذلك في زمانه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وأوّل ما ظهر في زمان عليّ - رضي اللَّه تعالى عنه -، كما هو مشهور. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -٧٩/ ٢٥٧٨ و ٢٦/ ٤١٠١ - وفي "الكبرى" ٨١/ ٢٣٥٩ و"التفسير"


(١) - راجع "الفتح" ج ٨ ص ٣٢٤ - ٣٢٥.
(٢) - "المفهم" ج ٣ ص ١١٣.