للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نسخ صحيح مسلم" -: "حتى يقوم ثلاثة، وهو صحيح، أي يقومون بهذا الأمر، فيقولون: لقد أصابته فاقة انتهى. ولفظ أبي داود: "حتى يقول" باللام من القول، ولا يحتاج إلى تقدير محذوف.

(فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ، حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا من عَيشٍ"، أَوْ "سِدَادًا مِنْ عَيشٍ، فَمَا سِوَى هَذَا) أي المذكور من الأمور الثلاثة، فإفراد اسم الإشارة بالتأويل بالمذكور (مِنَ الْمَسْأَلَةِ، يَا قَبيصَةُ سُحْتٌ) -بضم السين، والحاء المهملتين، أو بضمّ السين، وسكون الحاء، تخفيفًا-: هو كلّ مال حرام، لا يحلّ كسبه، ولا أكله، وسمّي بذلك لأنه يَسْحَتُ البركة: أي يُذهبها، ويَمْحَقها (يَأْكُلُهَا) أي يأكل ما يحصل له بالمسألة. قاله الطيبيّ.

وقال الصنعانيّ: "يأكلها": أي الصدقة، أنّث لأنه جعل السحت عبارة عنها، وإلا فالضمير له انتهى. (صَاحِبُهَا) أي صاحب المسألة (سُحْتًا) منصوب على الحال، أو بدل من الضمير المنصوب في "يأكلها". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث قبيصة بن مُخَارق - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا أخرجه مسلم.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا ٨٠/ ٢٥٧٩ و ٢٥٨٠ - و"الكبرى" ٨٢/ ٢٣٦٠ و ٢٣٦١. وأخرجه (م) في "الزكاة" ١٠٤٤ (د) ١٦٤٠ (أحمد) في "مسند المكّيين" ١٥٤٨٦ وفي "مسند البصريين" ٢٠٠٧٨ (الدارمي) في "الزكاة" ١٦٧٨. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان أن من تحمّل حَمالة يستحقّ الصدقة، وهو معنى {الغارم} المذكور في آية الصدقة (ومنها): أنه يدلّ على حرمة السؤال لغير من ذكر، ونحوهم، ممن يُباح لهم السؤال للحاجة.

(ومنها): ما قاله الخطّابيّ -رحمه اللَّه تعالى-: في هذا الحديث علم كثيرٌ، وفوائد جمّة، ويدخل في أبواب من العلم والحكم، وذلك أنه قد جعل من تحلّ له المسألة من الناس أقسامًا ثلاثة: غنيًّا، وفقيرين، وجعل الفقر على ضربين: فقرًا ظاهرًا، وفقرًا باطنًا، فالغني الذي تحلّ له المسألة هو صاحب الحمالة، وهي الكفالة، والحميل: الضمين، والكفيل، ثم ذكر تفسير الحمالة كما تقدّم، ثم قال: فهذا الرجل صنع معروفًا، وابتغى بما أتاه صلاحًا، فليس من المعروف أن تُوَرَّكَ الغرامة (١) في ماله، ولكن يُعان على أداء


(١) قوله: "أن تُوَرَّكَ الغرامةُ" أي تُوجَبَ، قال في "القاموس": وَرَّكَهُ توريكًا: أوجبه، والذنبَ عليه حمله. انتهى.