للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصحيحة- مُنكِرًا على من توهّم أنه يحصل منه شرّ أصلًا، لا بالذات، ولا بالْعَرَض انتهى (١).

(فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) ولفظ البخاريّ: "فصمت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -" (فَقِيلَ لَهُ: مَا شَأْنُكَ؟ تُكَلِّمُ) بضمّ حرف المضارعة، من التكليم (رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وَلَا يُكَلِّمُكَ، قَالَ) أبو سعيد - رضي اللَّه عنه - (وَرَأَيْنَا) بالبناء للفاعل: أي علمنا، ويحتمل أن يكون بالبناء للمفعول: أي ظننّا، ويؤيده ما في البخاريّ: "حتى ظننت"، وفي رواية: "حتى ظننّا". وقال في "الفتح": وفي رواية هلال: "فرُئينا" بضمّ الراء، وكسر الهمزة. وفي رواية الكشميهنيّ: "فأُرِينا" بضم الهمزة.

(أَنَّهُ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (يُنْزَلُ عَلَيْهِ) بالبناء للمفعول، ونائب فاعله ضمير يعود إلى الوحي المفهوم من المقام، والمعنى: ينزل اللَّه تعالى عليه الوحي. وكأنهم فهموا ذلك بالقرينة، من الكيفيّة التي جرت عادته - صلى اللَّه عليه وسلم - بها عند ما يوحى إليه (فَأَفَاقَ يَمْسَحُ الرُّحَضَاءَ) -بضمّ الراء، وفتح المهملة، ثم المعجمة والمدّ: هو الْعَرَق. وقيل: الكثير. وقيل: عرَقُ الحمّى. وأصل الرَّحْض -بفتح، ثم سكون: الغسل، ولهذا فسّره الخطّابيّ بأنه عَرَقٌ يَرْحَضُ الجلدَ لكثرته (٢).

(وَقَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - ("أَشَاهِدٌ السَّائِلُ؟) وفي نسخة: "أفشاهد السائل". وفي نسخة: "أين هذا". وفي رواية البخاريّ: "أين السائل؟ ". وفي رواية مسلم: "إن هذا السائلُ". قال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: هكذا هو في بعض النسخ، وفي بعضها: "أين وفي بعضها: "أَنَّى وفي بعضها: "أَيُّ"، وكلُّهُ صحيح، فمن قال: "أنّى"، أو "أين" فهما بمعنى، ومن قال: "إنّ" فمعناه -واللَّه أعلم- إن هذا هو السائل الممدوح الحاذق الفَطِنُ، ولهذا قال: "وكأنه حمله ومن قال: "أَيّ فمعناه: أيّكم، فحذف الكاف والميم. واللَّه أعلم انتهى كلام النوويّ (٣).

وقال السنديّ: قوله: "أشاهد السائل" يريد التمهيد للجواب عن شاهد السائل، أي عما اعتمد السائل عليه في سؤاله بتقدير نفس الشاهد، حتى يُجيب عنه، أي أشاهدٌ السائل هذا، وهو أنه لا يأتي الخير بالشرّ انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا المعنى بعيدٌ، تبعده الرواية الأُخرى: "أين السائل"، ونحوها، بل الصواب أن المعنى: أحاضرٌ السائل، يعني أن الشخص الذي


(١) - "المفهم" ج ٣ ص ٩٦.
(٢) - "فتح" ج ١٣ ص ٢٤.
(٣) - "شرح صحيح مسلم" ج ٧ ص ١٤٤.