للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سأل، فنزل بسببه الوحي حاضر في المجلس، لم يبرح مكانه؛ وإنما قال ذلك لاحتمال أن ينتقل بعد السؤال إلى محلّ آخر، فأراد - صلى اللَّه عليه وسلم - التثبّت من حضوره، حتى يسمع الجواب بنفسه. واللَّه تعالى أعلم.

وزاد في رواية البخاريّ: "قال أبو سعيد: لقد حَمِدناه حين طلع ذلك". وفي رواية: "وكأنه حمده". قال في "الفتح": والحاصل أنهم لامُوهُ أوّلًا حيث رأوا سكوت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فظنوا أنه أغضبه، ثم حَمِدوه آخرًا لَمّا رأوا مسألته سببًا لاستفاد ما قاله النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -. وأما قوله: "وكأنه حمله"، فأخذه منه من قرينة الحال انتهى (١).

(إِنَّهُ لَا يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ) وفي رواية البخاريّ: "لا يأتي الخير إلا بالخير". زاد في رواية الدارقطنيّ تكرار ذلك ثلاث مرَّات. وفي رواية لمسلم: "إنّ الخير لا يأتي إلا بخير، أَوَ هو خيرٌ؟ ".

قال في "الفتح": ويؤخذ منه أن الرزق ولو كثر فهو من جملة الخير، وإنما يَعرِض له الشرِّ بعارض البخل به عمن يستحقّه، والإسراف في إنفاقه فيما لم يشرع، وأنّ كلّ شيء قَضَى اللَّه أن يكون خيرًا، فلا يكون شرًّا، وبالعكس، ولكن يُخشى على من رُزِق الخير أن يَعرِض له في تصرّفه فيه ما يجلب له الشرِّ.

ووقع في مرسل سعيد المقبريّ عند سعيد بن منصور: "أو خيرٌ هو؟ ثلاث مرّات"، وهو استفهام إنكار، أي إن المال ليس خيرًا حقيقيًّا، وإن سُمّي خيرًا؛ لأن الخير الحقيقي هو ما يَعرض له من الإنفاق في الحقّ، كما أن الشرِّ الحقيقيّ فيه ما يَعرِض له من الإمساك عن الحقّ، والإخراج في الباطل، وما ذُكر في الحديث بعد ذلك من قوله: "وإن هذا المال خَضِرَةٌ حُلْوة" كضرب المثل بهذه الجملة. انتهى (٢).

[تنبيه]: زاد في "الكبرى" بعد قوله: "إنه": ما نصّه: "ولم أفهم كما أردتّ"، والظاهر أن القائل المصنّف، ويحتمل أن يكون غيره. يعني أنه لم يفهم لفظة "إنه" من لفظ شيخه فهمًا جيّدًا. واللَّه تعالى أعلم.

(وَإِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ) -بفتح الراء، وكسر الموحّدة-: قيل: هو الفصل المشهور بالإنبات. وقيل: النهر الصغير المنفجر عن النهر الكبير. وقال القرطبيّ. الْجَدْوَل الذي يُسقَى به، والجمع أربعاء. والجدول: النهر الصغير الذي ينفجر من النهر الكبير. وقال في "المصباح": والربيع الجدولُ، وهو النهر الصغير. قال الجوهريّ: وجمع ربيع أربعاء، وأربعة، مثلُ نصيبِ، وأنصباءَ، وأنصبةٍ. وقال الفراء: يُجمع رَبيع الكلإِ،


(١) - "فتح" ج ١٣ ص ٢٤.
(٢) - "فتح" ج ١٣ ص ٢٤.