إذا كان عنده خمسون درهمًا، أو أكثر، وهو محتاج، له أن يأخذ من الزكاة، وهو قول الشافعيّ، وغيره من أهل الفقه والعلم انتهى (١).
وقال الحافظ أبو عمر ابن عبد البرّ -رحمه اللَّه تعالى-: وهذا باب اختلف العلماء فيه، ونحن نذكره ههنا - وباللَّه توفيقنا - فأما مالك -رحمه اللَّه تعالى-، فروى عنه ابن القاسم أنه سئل هل يُعطَى من الزكاة من له أربعون درهمًا؟ فقال: نعم، وهو المشهور من مذهب مالك. وروى الواقديّ عن مالك أنه قال: لا يُعطى من الزكاة من له أربعون درهمًا.
قال أبو عمر: هذا يحتمل أن يكون قويًّا مكتسبًا، حسن التصرّف في هذه المسألة، وفي الأولى ضعيفًا عن الاكتساب، أو من له عيال. واللَّه أعلم.
وقد قال مالك في صاحب الدار التي ليس فيها فضلٌ عن سكناه، ولا في ثمنها فضلٌ إن بيعت فيه بعد دار تحمله: إنه يُعطى من الزكاة، قال: وإن كانت الدار في ثمنها ما يشترى له به مسكن، ويفضل له فضلٌ يعيش به: إنه لا يعطى من الزكاة، والخادمُ عنده كذلك.
وقوله أيضًا هذا في الدار والخادم يحتمل التأويلين جميعًا، إلا أن المعروف من مذهبه أنه لا يحدّ في الغنى حدًّا لا يجاوزه إلا على قدر الاجتهاد، والمعروفِ من أحوال الناس، وكذلك يَرُدّ ما يعطى المسكين الواحد من الزكاة أيضًا إلى الاجتهاد من غير توقيف.
فأما الثوريّ، وأبو حنيفة، والشافعيّ، وأبو ثور، وأبو عبيد، وأحمد بن حنبل، والطبريّ، فكلّهم يقولون فيمن له الدار، والخادم، وهو لا يستغني عنهما: إنه يأخذ من الزكاة، وتحلّ له، ولم يفسّروا هذا التفسير الذي فسّره مالك.
إلا أن الشافعيّ قال في "كتاب الكفّارات": من كان له مسكنٌ، لا يستغني عنه هو وأهله، وخادم، أعطي من كفّارة اليمين، والزكاةِ، وصدقة الفطر، قال: وإن كان مسكنه يفضل عن حاجته، وحاجة أهله الفضل الذي يكون بمثله غنيًّا، لم يُعطَ من ذلك شيئًا، فهذا القول ضارع قول مالك، إلا أن مالكًا قال: يفضل له من ذلك فضلٌ يعيش به، ولم يقل: كم يعيش به، والشافعيّ قال: يفضل له من ذلك فضلٌ يكون به غنيًّا.
وروى سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، قال: يُعطَى من الزكاة من له