المسكن والخادم، ورواه الربيع عن الحسن. وفسّره أبو عبيد على نحو ما قال الشافعيّ. وعن إبراهيم النخعيّ نحو قول الحسن في ذلك. وعن سعيد بن جبير مثله.
واختلفوا في المقدار الذي تحرم به الصدقة لمن ملكه من الذهب، والفضّة، وسائر العروض.
فأما مالك فقد ذكرنا قوله في الأربعين درهمًا، ولا اختلاف عنه في ذلك. وكان الحسن البصريّ يقول: من له أربعون درهمًا فهو غني، وحجة من ذهب إلى أن يُحدد في هذا في أربعين درهمًا حديث الأسديّ -يعني الحديث الآتي بعد بابين- وهو حديث ثابت، وحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه -يعني الآتي بعد باب-، وحديث أبي سعيد الخدريّ -يعني الآتي بعد باب أيضًا-.
وقال أبو حنيفة، وأصحابه: لا تحلّ الصدقة لمن له مائتا درهم، ولا بأس أن يأخذ من له أقلّ منها، ويَكرهون أن يُعطَى إنسانٌ واحدٌ من الزكاة مائتي درهم، فإن أعطيها أجزأت عن المعطي عندهم، ولا بأس أن يُعطى أقلّ من مائتي درهم، وهو قول ابن شُبْرُمة. ورَوَى هشام عن أبي يوسف في رجل له على رجل مائة وتسعة وتسعون درهمًا، فيتصدّق عليه من الزكاة بدرهمين أنه يقبل واحدًا، ويردّ واحدًا، ففي هذا إجازة أن يقبل تمام المائتين، وكراهة أن يقبل ما فوقها.
وحجّتهم في ذلك قول رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أُمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم، وأردّها في فقرائكم". والغنيّ من له مائتا درهم؛ لوجوب الزكاة عليه فيها؛ لأنها لا تؤخذ إلا من غنيّ.
وكان الثوريّ، والحسن بن صالح، وابن المبارك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه يقولون: لا يُعطى من الزكاة من له خمسون درهمًا، أو عدلها من الذهب.
واحتجّوا في ذلك بحديث عبد اللَّه بن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه - في ذلك -يعني حديث الباب- قال: وهذا الحديث إنما يدور على حكيم بن جُبير، وهو متروك الحديث. هكذا رواه جماعة من أصحاب الثوريّ، منهم ابن المبارك، وغيره، عن الثوريّ، عن حكيم بن جبير، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه -. إلا يحيى بن آدم، فإنه جعل فيه مع حكيم بن جبير زبيدًا الأياميّ. ولا يجوز عند الثوريّ، وأحمد بن حنبل، والحسن بن صالح، ومن قال بقولهم أن يُعطى أحدٌ من الزكاة أكثر من خمسين درهمًا؛ لأنه الحدّ بين الغنيّ والفقير عندهم، والزكاة إنما جعلها اللَّه للفقراء، والمساكين، وحرّمها على الأغنياء، إلا الخمسة الذين