للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الخطّابيّ في "المعالم": قوله: "إلا أن يسأل ذا سلطان" هو أن يسأله حقّه من بيت المال الذي في يده، وليس هذا على معنى استباحة الأموال التي تحويها أيدي بعض السلاطين من غصب أملاك المسلمين انتهى (١).

(أَوْ شَيْئًا لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا) أي إلا أن يسأل غير ذا سلطان شيئًا لا بد له منه، كما إذا تحمّل دينًا لإصلاح ذات البين، أو أصابته فاقة شديدة، أو أصاب ماله جائحة، كما تقدّم تفصيله، فيباح له السؤال.

قال السنديّ -رحمه اللَّه تعالى-: ظاهره أنه عطفٌ على "ذا سلطان"، ولا يستقيم، إذ السؤال يتعدّى إلى مفعولين: الشخص، والمطلوب المحتاج إليه، و"ذا سلطان" هو الأول، وترك الثاني للعموم، و"شيئًا" ها هنا لا يصلح أن يكون الأولَ، بل هو الثاني، إلا أن يراد بـ "شيئًا" شخصًا، ومعنى "لا يجد منه بُدًّا" أي من سؤاله بُدًّا، وهو تكلّفٌ بعيد، فالأقرب أن يقال: تقديره: "أو يسأل شيئًا الخ"، وحُذف ههنا المفعول الأول؛ لقصد العموم، أو يقدّر: يسأل ذا سلطان أيَّ شيء كان، أو غيره شيئًا لا يجد منه بُدًّا، فهو من عطف شيئين على شيئين، إلا أنه حُذف من كلّ منهما ما ذُكر مماثله في الآخر، من صنعة الاحتباك، واللَّه تعالى أعلم انتهى كلام السنديّ (٢).

قيل: ظاهر هذا الحديث أنه لا بأس بسؤال السلطان تكثّرًا؛ لأنه جعل سؤاله قسيمًا لسؤال غيره ما لا بدّله منه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث سمرة بن جندب - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -٩٢/ ٢٥٩٩ و ٩٣/ ٢٦٠٠ - وفي "الكبرى" ٩٤/ ٢٣٨٠ و ٩٥/ ٢٣٨١. وأخرجه (د) في "الزكاة" ١٦٣٩ (ت) في "الزكاة" ٦٨٤. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو جواز سؤال الرجل ذا سلطان؛ لأن له عنده حقًّا في بيت المال، وإن لم يتعيّن (ومنها): جواز سؤال غير ذي السلطان


(١) - "معالم السنن" ج ٢ ص ٢٣٧.
(٢) - "شرح السندي" ج ٥ ص ١٠٠ - ١٠٢.