استحبابًا على ما عليه الجمهور، كما سيأتي تحقيقه في المسألة الرابعة، إن شاء اللَّه تعالى.
(فَتَمَوَّلْهُ) أي اتخذه مالًا (أَوْ تصدَّق بِهِ) وفي رواية: "وتصدّق" بالواو. أي إذا أخذته، فإن شئت أبقه عندك، وإن شئت تصدّق به. قال في "الفتح": وهو أمر إرشاد على الصحيح. قال ابن بطّال: أشار - صلى اللَّه عليه وسلم - على عمر بالأفضل؛ لأنه وإن كان مأجورًا بإيثاره لعطائه عن نفسه من هو أفقر إليه منه، فإنّ أخذه للعطاء، ومباشرته للصدقة بنفسه أعظم لأجره، وهذا يدلّ على عظيم فضل الصدقة بعد التموّل؛ لما في النفوس من الشحّ على المال انتهى (١).
(وَمَا لَا، فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ) من أَتْبع مخفّفًا، أي ما لم يؤتيك اللَّه بالشرط المذكور، فلا تجعل نفسك تابعةً له، ناظرةً إليه؛ لأجل أن يحصل عندك.
وقال النوويّ: معناه: ما لم يوجد فيه هذا الشرط لا تُعلّق النفس به انتهى.
وقال القرطبيّ: أي لا تعلّقها، ولا تُطمعها في ذلك، فإذا فعلت ذلك بها سكنت، ويئست انتهى.
وفيه إشارة إلى أن المدار على عدم تعلّق النفس بالمال، لا على عدم أخذه وردّه على المعطي. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عمر - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفق عليه.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٩٤/ ٢٦٥٤ و ٢٦٠٥ و ٢٥٠٦ و ٢٦٠٧ و ٢٦٠٨ - وفي "الكبرى" ٩٦/ ٢٣٨٥ و ٢٣٨٦ و ٢٣٨٧ و ٢٣٨٨ و ٢٣٨٩. وأخرجه (خ) في "الزكاة" ١٤٧٣ وفي "كتاب الأحكام" ٧١٦٤ (م) في "الزكاة" ١٠٤٥ (د) في "الزكاة" ١٦٤٧ وفي "الخراج" ٢٩٤٤ (أحمد) في "مسند العشرة" ١٠١ و ١٣٧ و ٢٨١ و ٣٧٣ (الدارمي) في "الزكاة" ١٦٤٧. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان حكم من رزقه اللَّه تعالى
(١) - "الفتح" ج ١٥ ص ٥٤.