للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القدرة على السفر، وقد قرّر - صلى اللَّه عليه وسلم - ذلك، فهو يؤيّد أن الاستطاعة المعتبرة في افتراض الحجّ ليست بالبدن، وإنما هي بالزاد والراحلة. واللَّه تعالى أعلم انتهى. وسيأتي تحقيق القول في هذا قريبًا، إن شاء اللَّه تعالى.

(لَا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الرَّحْلِ) تعني أنه لا يثبت على الدّابّة، ولا يستقرّ؛ لكبر سنّه. والجملة نعت لقوله: "شيخا". ويحتمل أن يكون حالاً أيضًا، فيكون من الأحوال المتداخلة، أو المترادفة.

والمراد أنه وجب عليه الحجّ، بأن أسلم، وهو بهذه الصفة.

وفي رواية يحيى بن أبي إسحاق، عن سليمان ١١/ ٢٦٤٥: "لا يثبت على راحلته، فإن شددته خشيت أن يموت". وفي رواية مالك، عن ابن شهاب ١٢/ ٢٦٤١: "لا يستطيع أن يثبت على الراحلة"، وفي رواية صالح بن كيسان، عن ابن شهاب ١٢/ ٢٦٤٢: "لا يستوي على الراحلة". وفي حديث أبي هريرة عند ابن خزيمة: "وإن شددته بالحبل على الراحلة، خشيت أن أقتله".

قال الحافظ: وهذا يفهم منه أن من قدر على غير هذين الأمرين، من الثبوت على الراحلة، أو الأمن عليه من الأذى لو رُبط لم يُرخّص له في الحجّ عنه، كمن يقدر على محلّ مُوَطّإ، كالمِحَفّة (١) انتهى.

(أَفَاَحُجُّ عَنْهُ؟) أي أيجوز لي أن أنوب عنه فأحجّ عنه؛ لأن ما بعد الفاء الداخلة عليها الهمزة معطوف على مقدّر، وقيل: لا حاجة إلى التقدير، بل الهمزة مقدّمة من تأخير، والأصل "فأأحج عنه"، فقدّمت؛ لأن لها صدر الكلام.

وفي رواية عبد العزيز، وشعيب: "فهل يقضي عنه". وفي حديث عليّ "هل يُجزىء عنه" (قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (نَعَمْ) وفي حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -: "احججي عن أبيك".

زاد في رواية صالح بن كيسان، عن ابن شهاب -١٢/ ٢٦٤٢ - : "فأخذ الفضل بن عبّاس يلتفت إليها، وكانت امرأة حسناء، وأخذ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - الفضل، فحوّل وجهه من الشقّ الآخر". وفي رواية عند البخاريّ: فجاءت امرأة من خثعم، فجعل الفضل ينظر إليها، وتنظر إليه، فجعل النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يصرف وجه الفضل يصرف وجه الفضل إلى الشقّ الآخر". وفي رواية: "وكان الفضل رجلاً وضيئًا، وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة، فطفق الفضل ينظر إليها، وأعجبه حسنها". وفي رواية: "فالتفت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، والفضل ينظر إليها، فأخلف بيده، فأخذ بذقن الفضل، فدفع وجهه عن النظر إليها". ووقع في


(١) -بكسر الميسم: مَرْكَبٌ من مراكب النساء، كالهودج. اهـ "المصباح".