للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في ملاءمة الشمّ، فيؤخذ منه تحريم أنواع الطيب على المحرم، وهو مجمع عليه فيما يُقصد به التطيّب.

(وَلَا زَعْفَرَانٌ) بالتنكير والتنوين؛ لأنه ليس فيه إلا الألف والنون فقط، وهو لا يمنع الصرف، وهو بفتح الزاي، وسكون العين المهملة، وفتح الفاء، والراء-: اسم عربيّ.

وقيل: اسم عجميّ تصرّفت فيه العرب، فقالوا: ثوب مزعفرٌ، وقد زعفر ثوبه يزعفره زعفرةً، ويجمع على زعافر.

واستُدلّ بقوله: "مسّه" على تحريم ما صُبغ كلّه، أو بعضه، ولو خفيت رائحته. قال مالك في "الموطّإ": إنما يكره لبس المصبّغات؛ لأنها تنفض. وقال الشافعيّة: إذا صار الثوب بحيث لو أصابه الماء لم تفح له رائحة لم يُمنع. والحجة فيه حديث ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما -، عند البخاريّ، وفيه: "ولم ينه عن شيء من الثياب، إلا المزعفرة التي تَرْدعُ الجلدَ (١) … " الحديث.

وأما المغسول، فقال الجمهور: إذا ذهبت الرائحة جاز، خلافًا لمالك، ففي، "الموطإ": سئل مالك عن ثوب مسّه طيّب، ثم ذهب ريح الطيب منه، هل يُحرِم فيه؟، قال: نعم، ما لم يكن فيه صباغ زعفران، أو ورس انتهى.

واستُدلّ للجمهور بما رواه أبو معاوية عن عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع في هذا الحديث: "إلا أن يكون غسيلاً". أخرجه يحيى بن عبد الحميد الحِمّانيّ في "مسنده" عنه. ورَوَى الطحاويّ عن أحمد ابن أبي عمران أن يحيى بن معين أنكره على الحمانيّ، فقال له عبد الرحمن بن صالح الأزديّ: قد كتبته عن أبي معاوية، وقام في الحال، فأخرج له أصله، فكتبه عنه يحيى بن معين انتهى.

وهي زيادة شاذّة؛ لأن أبا معاوية، وإن كان متقنًا، لكن في حديثه عن غير الأعمش مقال. قال أحمد: أبو معاوية مضطرب الحديث في عبيد اللَّه، ولم يجىء بهذه الزيادة غيره. قال الحافظ: والحمّانيّ ضعيف، وعبد الرحمن الذي تابعه فيه مقال.

ورد العينيّ إعلال هذا الحديث بما ذُكر، وصحح الحديث، وقال: وقد روى أحمد في "مسنده" من حديث ابن عبّاس حديثًا يدلّ على جواز لبس المزعفر للمحرم، إذا لم يكن فيه نفضٌ، ولا ردع (٢).


(١) -أي تلطخ، يقال: ردع: إذا التطخ، والردع أثر الطيب. قاله في "الفتح" ٤/ ١٨٨.
(٢) -٣٣٠٣ - حدثنا يزيد، أخبرنا الحجاج، عن عطاء، أنه كان لا يرى بأسا، أن يحرم الرجل، في ثوب مصبوغ بزعفران، قد غسل، ليس فيه نفض، ولا ردع.
حدثنا يزيد، أخبرنا الحجاج، عن الحسين بن عبد اللَّه بن عبيد اللَّه، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - مثله.