للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حَرُمَ مِنْهُ) أي منع منه لأجل الإحرام (حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ) أي حتى ينتهي من عمل الحجّ بذبح الهدي يوم النحر

(وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْدَى، فَلْيَطُفْ بالْبَيْتِ) للعمرة (وَبالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) أي وليطف بالصفا والمروة، أي لِيَسْعَ بينهما (وَلْيُقَصَّر) شعر رأسه. قال النوويّ: معناه أنه يفعل الطواف، والسعي، والتقصير، ويصير حلالاً. وهذا دليل على أن الحلق، أو التقصير نسك من مناسك الحجّ، وهذا هو الصحيح في مذهب الشافعيّ، وجماهير العلماء. وقيل: استباحة محظور، وليس بنسك. وهذا ضعيف انتهى.

(وَلْيَحْلِلْ) أمر بمعنى الخبر، أي يصير بالتقصير حلالاً من العمرة، فله فعل ما كان محظورًا عليه في الإحرام، من الطيب، واللباس، وإتيان الحلائل، والصيد، وغير ذلك.

وإنما أمر النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بالتقصير دون الحلق، مع أنه أفضل؛ ليبقى للمتمتع شعر يحلقه في الحجّ، فإن الحلق في تحلل الحجّ أفضل منه في تحلّل العمرة. وقيل: إن قوله: "وليحلل" أمر باق على حاله، وهو أمر إباحة.

(ثُمَّ لِيُهِلَّ بالْحَجِّ) أي يحرم بالحجّ في وقت الخروج إلى عرفات، لا أنه يُهلّ به عقب تحللِّه من العمَرة، ولهذا قال: "ثم ليُهلّ"، فأتى بـ "ثمّ" التي هي للتراخي والمهلة. قاله النوويّ (ثُمَّ لِيُهْدِ) وفي نسخة: "ولْيُهْد".

وهذا معنى قوله تعالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْي} الآية [البقرة: ١٩٦]. قال القرطبيّ: ذهب جماعة من السلف إلى أنه شاة، وهو قول مالك. وقال جماعة أخرى: هو بقرة دون بقرة، ووبَدَنَةٌ دُونَ بَدَنَةٍ. وقيل: المراد بدنة، أو بقرة، أو شاة، أو شرك في دم انتهى (١).

وقال النوويّ: المراد به هدي التمتع، فهو واجب بشروط، اتفق أصحابنا على أربعة منها، واختلفوا في ثلاثة، أحد الأربعة: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحجّ. الثاني: أن يحجّ من عامه. الثالث: أن يكون أفقيًا، لا من حاضري المسجد، وحاضروه أهل الحرم، ومن كان منه على مسافة، لا تقصر فيها الصلاة. الرابع: أن لا يعود إلى الميقات لإحرام الحجّ.

وأما الثلاثة، فأحدها: نيّة التمتع. والثاني: كون الحجّ والعمرة في سنة في شهر واحد. والأصحّ أن هذه الثلاثة (٢)، لا تشترط. واللَّه أعلم. انتهى (٣).


(١) -"المفهم" ٣/ ٣٥٣.
(٢) - لم يذكر الثالث في شرح مسلم، ولعله سقط سهوًا، وقد ذكره في "شرح المهذّب"، وهو وقوع النسكين عن شخص واحد، فقيل: يشترط، وقيل: لا يشترط، وذكر له صوارًا، منها: أن يستأجره شخص لحجّ، وآخر لعمرة. راجع "المجموع" ٧/ ١٧٦.
(٣) - "شرح مسلم" ٨/ ٤٣٥.