للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما -: ليس على النساء أن يرفعن أصواتهنّ بالتلبية (١). وقال مالك: ترفع المرأة صوتها قدر ما تسمع نفسها. وخالف فيه ابن حزم، فأوجب عليها رفع الصوت كالرجل؛ لدخولها في هذا الحديث، وسيأتي ترجيح ما ذهب إليه في المسألة الرابعة، إن شاء اللَّه تعالى ..

(أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بالتَّلْبيَةِ) إظهارًا لشعار الإحرام، وتعليمًا للجاهل ما يُستحبّ له في ذلك المقام. واللَّه تعَالىَ أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث السائب بن خلاّد - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح.

[تنبيه]: قال الإمام الترمذيّ -رحمه اللَّه تعالى-: وروى بعضهم هذا الحديث عن خالد ابن السائب، عن زيد بن خالد، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، ولا يصحّ، والصحيح هو خلاد بن السائب، عن أبيه، وهو خلاد بن السائب بن خلاد بن سُوَيد الأنصاريّ. انتهى. وقال ابن عبد البرّ: هذا حديث اختُلِفَ في إسناده اختلافًا كثيرًا، وأرجو أن تكون رواية مالك أصح، يعني عن خلاد بن السائب، عن أبيه.

وذكر الحافظ في "الفتح" هذا الحديث في رواية خالد بن السائب، عن أبيه، وذكر من أخرجه، وصححه، ثم قال: ورجاله ثقات، إلا أنه اختلف على التابعي في صحابيه. انتهى. وقال في "التلخيص الحبير" بعد ذكر تصحيح الترمذي، ونقل كلامه: وقال البيهقي أيضًا: الأول، أي خلاد بن السائب عن أبيه هو الصحيح، وأما بن حبان فصححهما، وتبعه الحاكم، وزاد رواية ثالثة من طريق المطلب بن عبد اللَّه، عن أبي هريرة انتهى (٢).

وقال الحاكم ١/ ٤٥٠ بعد رواية الحديث من طريق عبد الملك، عن خلاد، عن أبيه، ومن طريق المطّلب بن عبد اللَّه، عن خلاد، عن زيد، ومن طريق المطلب بن عبد اللَّه بسماعه، عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -: ما لفظه: وهذه الأسانيد كلها صحيحة، وليس يُعَلَّل واحد منها الآخرَ، فإن السلف - رضي اللَّه عنهم - كان يجتمع عندهم الأسانيد لمتن واحد، كما يجتمع عندنا الآن. انتهى، ووافقه الذهبي.

قال الجامع - عفا اللَّه عنه -: قد تبين بما ذُكِرَ أن حديث الباب صحيح، لا تؤثر فيه الاختلافات المذكورة، إما لترجيح رواية خلاد، عن أبيه التي أخرجها المصنف هنا،


(١) سيأتي أن أثري ابن عباس، وابن عمر - رضي اللَّه عنهم - ضعيفان.
(٢) راجع "التلخيص" ٢/ ٤٥٦ - ٤٥٧.