اختيار العبد فيه، فلا عتب على العبد به (عَلَى بَنَاتِ آدَمَ) قال النوويّ: هذا تسلية لها، وتخفيف لهمها، ومعناه أنك لست مختصّة به، بل كلّ بنات آدم يكون منهنّ هذا، كما يكون منهنّ، ومن الرجال البول والغائط، وغيرهما. وقد استدلّ البخاريّ في "صحيحه" في "كتاب الحيض" بعموم هذا الحديث على أن الحيض كان في جميع بنات آدم، وأنكر به على من قال: إن الحيض أول ما أرسل، ووقع في بني إسرائيل انتهى.
ولفظ البخاريّ:"باب كيف كان بدء الحيض، وقول النبيّ: "هذا شيء كتبه اللَّه على بنات آدم". وقال بعضهم: كان أول ما أرسل الحيض على بني إسرائيل. قال أبو عبد اللَّه: وحديث النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أكثر انتهى.
والذي أشار إليه البخاريّ هو ما أخرجه عبد الرزاق عن ابن مسعود بإسناد صحيح، قال: "كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلّون جميعًا، فكانت المرأة تتشرّف للرجل، فألقى اللَّه عليهنّ الحيض، ومنعهنّ المساجد". وعنده عن عائشة نحوه.
قال الداوديّ ليس بينهما مخالفة، فإن نساء بني إسرائيل من بنات آدم، فعلى هذا فقوله: "بنات آدم عام أريد به الخصوص.
قال الحافظ: ويمكن أن يجمع بينهما مع القول بتعميمه بأن الذي أرسل على نساء بني إسرائيل طول مكثه بهنّ عقوبة لهنّ، لا ابتداء وجوده. وقد روى الطبريّ، وغيره عن ابن عباس وغيره أن قوله تعالى في قصّة إبراهيم:{وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ} الآية [هود: ١٧] أي حاضت، والقصّة متقدّمة على بني إسرائيل بلا ريب. وروى الحاكم، وابن المنذر بإسناد صحيح، عن ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما -: "أن ابتداء الحيض كان على حواء بعد أن أُهبطت من الجنّة". وإذا كان كذلك، فبنات آدم بناتها. واللَّه أعلم (١).
(فَاغتَسِلي) قال النووي: هذا الغسل هو الغسل للإحرام، وقد سبق بيانه، وأنه يستحبّ لكلّ من أراد الإحرام بحجّ، أو عمرة، سواء الحائض، وغيرها انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد سبق أن الراجح وجوبه على الحائض والنفساء؛ لظاهر الأمر. واللَّه تعالى أعلم.