قال البيهقيّ: أما حديث ابن عيينة، فقد رواه عنه عبد الجبّار بن العلاء موصولاً بذكر عائشة فيه. وثبت وصله أيضًا من جهة أبي أسامة حماد بن أسامة، أخرجه البخاريّ، ومسلم.
وثبت عن معمر، عن الزهريّ، عن عروة، عن عائشة، وعن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أخرجه مسلم. وعن عطاء، وسعيد بن جبير، وطاوس، وعكرمة، عن ابن عباس، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وهو مخرّج في "صحيح مسلم" انتهى.
وأخرج حديث ابن عباس أيضًا أصحاب السنن الأربعة، ورواه ابن حبّان في "صحيحه"، والدارقطنيّ من رواية عبيد اللَّه بن عمر، عن القاسم بن محمد، عن عائشة. وقال ابن حزم: وقال الشافعيّ: إن صحّ الخبر قلت به. قال: قد صحّ الخبر، وبالغ في الصحّة، فهو قوله، وهو قول أحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأبي سليمان -يعني داود -.
وفي الباب أيضًا عن أسماء بنت أبي بكر، أو سعدى بنت عوف. رواه ابن ماجه على الشكّ هكذا، وجابر، رواه البيهقيّ. وقال ابن حزم في "المحلّى" بعد ذكر هذه الأحاديث سوى حديث أسماء، أو سعدى، فهذه آثار متظاهرة، متواترة، لا يسع أحدًا الخروج عنها.
وقال النسائيّ: لا أعلم أحدًا أسنده عن الزهريّ، غير معمر. وقال في موضع آخر: لم يسنده عن معمر غير عبد الرزاق فيما أعلم.
وأشار القاضي عياض إلى تضعيف الحديث، فانه قال: قال الأصيليّ: لا يثبت في الاشتراط إسناد صحيح. وقال: قال النسائيّ: لا أعلم أسنده عن الزهريّ غير معمر.
قال النوويّ في "شرح مسلم": وهذا الذي عرّض به القاضي، وقاله الأصيليّ من تضعيف الحديث غلط فاحش جدًّا، نبهت عليه لئلا يغترّ به؛ لأن هذا الحديث مشهور في صحيحي البخاريّ، ومسلم، وسنن أبي داود، والترمذيّ، والنسائيّ، وسائر كتب الحديث المعتمدة من طُرُق متعدّدة بأسانيد كثيرة عن جماعة من الصحابة، وفيما ذكره مسلم من تنويع طرقه أبلغ كفاية.
وقال الحافظ العراقيّ في "شرح الترمذيّ": والنسائيّ، لم يقل بانفراد معمر به مطلقًا، بل بانفراده به عن الزهريّ، ولا يلزم من الانفراد المقيّد، الانفراد المطلق، فقد أسنده معمر، وأبو أسامة، وسفيان بن عيينة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، وأسنده القاسم عنها, ولو انفرد به معمر مطلقًا لم يضره، وكم في "الصحيحين" من الانفراد، ولا يضرّ إرسال الشافعيّ له، فالحكم لمن وصل. هذا معنى كلامه. ذكر الحافظ وليّ الدين -رحمه