للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اللَّه تعالى (١) وهو بحث نفيس جدًّا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب. (المسألة الثالثة): في الفوائد التي اشتمل عليها حديث ضباعة برواياته المختلفة (٢): (منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو مشروعية الاشتراط في الحجّ. (ومنها): أن دخوله - صلى اللَّه عليه وسلم - على ضباعة - رضي اللَّه تعالى عنها - عيادة، أو زيارة، وصلة، فإنها قريبته، كما تقدّم، وفيه بيان تواضعه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وصلته لرحمه، وتفقده، وهو محمول على أن الخلوة هناك كانت منتفية، فإنه - صلى اللَّه عليه وسلم - لم يكن يخلو بالأجنبيات، ولا يصافحهنّ، وإن كان لو فعل ذلك لم يلزم منه مفسدة؛ لعصمته، لكنهم لم يعدّوا ذلك من خصائصه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فهو في ذلك كغيره في التحريم. ذكره وليّ الدين (٣).

(ومنها): أن الحديث ورد في الحجّ، ولكن العمرة في معناه، فلو أحرم بعمرة، فشرط التحلّل منها عند المرض كان كذلك. قال وليّ الدين: ولا خلاف في هذا بين المجوّزين للاشتراط فيما أعلم، ولعلّ العمرة داخلة في قوله في رواية النسائيّ من حديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - الآتية: "فإن لكِ على ربّك ما استثنيت". وقد عزى ابن قدامة في "المغني" هذا الحديث لمسلم، وفيه هذه الزيادة، وليسست عند مسلم انتهى (٤).

(ومنها): أنه قد يستدلّ به على أن المشترط لذلك يحلّ بمجرّد المرض والعجز، ولا يحتاج إلى إحلال. وقد قال الشافعية: إن اشترط التحلّل بذلك، فلا يحلّ إلا بالتحلّل، وإن قال: إذا مرضت، فأنا حلال، فهل يحتاج في هذه الصورة إلى تحلل، أو يصير حلالاً بنفس المرض، فيه وجهان لهم، الذي نصّ عليه الشافعيّ أنه يصير حلالاً بنفس المرض. قال وليّ الدين: ودلالة الحديث محتملة، فإن قوله: "محلّي" يحتمل أن يكون معناه موضع حلي، ويحتمل أن يكون معناه موضع إحلالي. انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي الاحتمال الأول هو الظاهر، فما نصّ عليه الشافعي هو الأرجح. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

(ومنها): أن المراد بالتحلل أن يصير نفسه حلالاً، فلو شرط أن ينقلب حجه عمرة عند المرض، فذكر الشافعيّة أنه أولى بالصحّة من شرط التحلل، ونصّ عليه الشافعي،


(١) - "طرح التثريب" ٥/ ١٦٥ - ١٦٧.
(٢) - هذه الفوائد ليست قاصرة على السياق المتقدم للحديث، بل لما اشتمل عليه روايات حديثُ. قصةِ ضباعة كلها.
(٣) - "طرح التثريب" ٥/ ١٧١.
(٤) - المصدر السابق.