للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

- صلى اللَّه عليه وسلم -) هكذا نسخ "المجتبى" بدون عاطف، والجملة مستأنفة جوابًا لسؤال مقدر، كأن سائلاً قال: فبماذا أمر رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فأجابت بقولها: "أمر رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - الخ". وفي "الكبرى": "فأمر رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - " بالفاء العاطفة، وهو واضح.

(مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ، أَنْ يَحِلَّ) بضم أوله، من الإحلال، أو من الحلّ، ويؤيّد الثاني قوله (فَحَلَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ) أي تحلّل الذين لم يسوقوا الهدي بعمل العمرة، وهذا محلّ الترجمة، ففيه إباحة فسخ الحجّ بعمل العمرة لمن لم يسق الهدي، وسيأتي تحقيق الخلاف في ذلك في المسألة الآتية، إن شاء اللَّه تعالى (وَنِسَاؤُهُ لَمْ يَسُقْنَ) أي الهدي (فَأحْلَلْنَ) أي بعمل العمرة، وعائشة منهن، لكنها لم تحلل من أجل حيضها، كما أوضحه قولها: "فلم أطف بالبيت" (قَالَتْ عَائِشَةُ: فَحِضْتُ) أي بسرف، كما تقدم (فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ) أي لنهي النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - لها عن ذلك حتى تطهر (فَلَمَّا كَانَتْ لَيلَةُ الْحَصْبَةِ) بفتح الحاء، وسكون الصاد المهملتين: هي الليلة التي بعد أيام التشريق، وسميت بذلك لأنهم نفروا من منى، فنزلوا في المحصّب، وباتوا به. قاله النوويّ (١) (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَرْجِعُ النَّاسُ بعُمْرَة وَحَجَّةٍ) أي بعمرة مفردة، وحجة مفردة (وَأَرْجِعُ أَنَا بِحَجَّةٍ) هي الحجة التي أدخلتهَا على عمرتها قبل أن تحلل لأجل حيضها، فصارت قارنة، ودخلت أفعال العمرة في الحجة، فأرادت أن تعتمر عمرة مفردة كسائر أمهات المؤمنين - رضي اللَّه تعالى عنهنّ - (قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (أَوَ مَا كُنْتِ طُفْتِ لَيَالِيَ قَدِمْنا مَكَّةَ؟) لعله - صلى اللَّه عليه وسلم - نسي كونها حائضًا، وإلا فقد أخبرته في أول حيضتها، فأمر أن تبقى على إحرامها غير أن لا تطوف بالبيت (قُلْتُ: لَا) أي لم أطف لأجل الحيض (قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (فَاذْهَبِي مَعَ أَخِيكِ) عبد الرحمن بن أبي بكر الصدّيق، شقيقها - رضي اللَّه تعالى عنهم - (إِلَى التَّنْعِيمِ) بفتح المثناة، وسكون النون، وكسر المهملة: موضع معروف خارج مكة، وهو على أربعة أميال من مكة إلى جهة المدينة، كما نقله الفاكهيّ. وقال المحبّ الطبريّ: التنعيم أبعد من أدنى الحلّ إلى مكة بقليل، وليس بطرف الحلّ، بل بينهما نحو من ميل، ومن أطلق عليه أدنى الحلّ، فقد تجوّز. قال الحافظ: أو أراد بالنسبة إلى بقية الجهات. وروى الفاكهيّ من طريق عبيد بن عمير، قال: إنما سمي التنعيم لأن الجبل الذي عن يمين الداخل يقال له: ناعم، والذي عن اليسار يقال له: منعم، والوادي نعمان. وروى الأزرقي من طريق ابن جريج، قال: رأيت عطاء يصف الموضع الذي اعتمرت منه عائشة، قال: فأشار إلى الموضع الذي ابتنى فيه محمد بن عليّ بن شافع المسجد الذي


(١) - "شرح مسلم" ٨/ ٣٨٠ - ٣٨١.