من بيعته، وأقام بمكة، فجهّز إليه عمرو بن سعيد جيشًا، وأمر عليهم عمرو ابن الزبير، وكان معاديًا لأخيه عبد اللَّه، وكان عمرو بن سعيد قد ولّاه شرطته، ثم أرسله إلى قتال أخيه، فجاء مروان إلى عمرو بن سعيد، فنهاه، فامتنع، وجاء أبو شريح، فذكر القصّة، فلما نزل الجيش ذا طوى خرج إليهم جماعة من أهل مكة، فهزموهم، وأُسر عمرو بن الزبير، فسجنه أخوه بسخن عارم، وكان عمرو بن الزبير قد ضرب جماعة من أهل المدينة ممن اتهم بالميل إلى أخيه، فأقادهم عبد اللَّه منه حتى مات عمرو من ذلك.
[تنبيه]: وقع في "السير" لابن إسحاق، و"مغازي الواقديّ " أن المراجعة المذكورة وقعت بين أبي شريح، وبين عمرو بن الزبير، فإن كان محفوظًا احتمل أن يكون أبو شريح راجع الباعث، والمبعوث. واللَّه أعلم انتهى (١).
(ايْذَنْ لِي) فعل أمر من الإذن، وأصله ائذن بهمزتين، فقلبت الثانية ياء لسكونها، وانكسار ما قبلها.
[تنبه]: هذا الذي ذكرته من ضبط "ايذن" بالياء هو الذي في النسخة "الهندية" وهو الموافق لما في "الصحيح"، ووقع في النسخ المطبوعة، و"الكبرى""ائذن" بهمزة ساكنة على الأصل. فتنبه، واللَّه تعالى أعلم.
(أَيُّهَا الْأَمِيرُ) بحذف حرف النداء، وأصله: يا أيها الأمير، ويستفاد منه حسن التَّلَطُّفِ في مخاطبة السلطان ليكون أدعى لقبوله النصيحة، وأن السلطان لا يخاطب إلا بعد استئذانه، ولا سيما إذا كان في أمر يعترض به عليه، فترك ذلك، والغلظة له قد يكون سببا لإثارة نفسه، ومعاندة من يخاطبه (أُحَدَّثْكَ) بالجزم لأنه جواب الأمر (قَوْلاً، قَامَ بهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) جملة "قام" صفة لقولاً، والمقول حمد اللَّه تعالى الخ (الْغَدَ) منصوب على الظرفية متعلق بقام (مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ) أي أنه خطب في اليوم الثاني من فتح مكة.
ووقع عند أحمد من طريق ابن إسحاق، عن سعيد المقبريّ زيادة في أوله توضّح المقصود، وهي:"لما بعث عمرو بن سعيد إلى مكة بعثه لغزو ابن الزبير أتاه أبو شُريح، فكلمه، وأخبره بما سمع من رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، ثم خرج إلى نادي قومه، فجلس فيه، فقمت إليه، فجلست معه، فحدث قومه، قال: قلت له: يا هذا إنا كنا مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - حين افتتح مكة، فلما كان الغد من يوم الفتح عدت خزاعة على رجل من هذيل، فقتلوه، وهو مشرك، فقام فينا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - خطيبًا"، فذكر الحديث. وأخرج أحمد أيضًا من طريق الزهريّ، عن مسلم بن يزيد الليثيّ، عن أبي شريح الخزاعيّ أنه سمعه يقول: "أذن لنا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يوم الفتح في قتال بني بكر حتى أصبنا منهم ثأرنا، وهو بمكة، ثم أمر رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بوضع السيف، فلقي الغدَ رهطٌ منا رجلا من هذيل في