وقوله: "وجعلت له خلفًا" بفتح الخاء المعجمة، وسكون اللام، بعدها فاء. وقد فسّره هشام بن عروة فيما علّقه البخاريّ، ولفظه: قال أبو معاوية: حدثنا هشام: خَلْفًا يعني بابًا انتهى. أي بابًا من خلفه، مقابلا لهذا الباب الذي من قدّام. وقال في "الفتح":
وضبطه الحربي في "الغريب" بكسر الخاء المعجمة، قال: والخالفة عمود في مؤخّر البيت. والصواب الأول، وبينه قوله في الرواية الرابعة -يعني عند البخاريّ- وهي الرواية التي بعد هذا هنا: "وجعلتُ لها بابين".
والحديث متّفقٌ عليه، وقد تقدّم تمام البحث فيه في الحديث الماضي. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٢٩٠٣ - (أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ, وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى, عَنْ خَالِدٍ, عَنْ شُعْبَةَ,, عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ, عَنِ الأَسْوَدِ, أَنَّ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ, قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, قَالَ: "لَوْلَا أَنَّ قَوْمِي" -وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدٍ-: "قَوْمَكِ, حَدِيثُ عَهْدِ بِجَاهِلِيَّةٍ, لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ, وَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ". فَلَمَّا مَلَكَ ابْنُ الزُّبَيْرِ, جَعَلَ لَهَا بَابَيْنِ").
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح، غير شيخه إسماعيل بن مسعود الجحدري البصريّ، فهو من أفراده، وهو ثقة. و"خالد": هو ابن الحارث الْهُجَيميّ، أبو عثمان البصريّ. و"أبو إسحاق": هو عمرو بن عبد اللَّه بن عبيد السبيعي الكوفيّ. و"الأسود": هو ابن يزيد النخعيّ الكوفيّ.
وقوله: "حديث عهد" كذا روي بالإضافة، وحذف الواو. قال المطرّزيّ: لا يجوز حذف الواو في مثل هذا، والصواب: "حديثو عهد".
قال السنديّ: ورُدّ بأنه من قبيل: {وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} الآية [البقرة: ٤١]، فقد قالوا: تقديره أول فريق كافر، أو فوج كافر، يريدون أن هذه الألفاظ مفردة لفظًا، وجمع معنى، فيمكن رعاية لفظها، ولا يخفى أن لفظ القوم كذلك. وأجيب أيضًا بأن فعيلاً يستوي فيه الجمع، والإفراد. قاله السنديّ.
وقوله: "فلما ملك ابن الزبير الخ" بفتح الميم، واللام بصيغة الماضي المعلوم: أي لما صار عبد اللَّه بن الزبير - رضي اللَّه تعالى عنهما - مالكا أمورَ الخلافة، وصارت مكة تحت تصرفه هدمها، وبناها، وجعل لها بابين، باب يدخل الناس منه، وباب يخرجون منه، كما بناها إبراهيم - عليه السلام -.
والحديث متّفقٌ عليه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٢٩٠٤ - (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلاَّمٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ, قَالَ: