للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحديث المذكور أولَ الباب، وأذكر هنا بعض المسائل المكملة لما مضى، فأقول:

(المسألة الأولى): قوله: "وقد شهدت ابن الزبير حين هدمه إلخ ". قال في "الفتح": هكذا ذكره يزيد بن رومان مختصرًا. وقد ذكره مسلم، وغيره واضحًا، فروى مسلم من طريق عطاء بن أبي رباح، قال: "لما احترق البيت زمن يزيد بن معاوية حين غزاه أهل الشام، فكان من أمره ما كان، تركه ابن الزبير، حتى قدم الناس الموسم، يريد أن يُجَرِّئهم، أو يُحّرِّبَهم (١) على أهل الشام، فلما صدر الناس، قال: يا أيها الناس أشيروا عليّ في الكعبة، أنقضها ثم أبني بناءها، أو أصلح ما وَهَى منها، قال ابن عباس: فإني قد فُرِق لي (٢) رأي فيها، أرى أن تصلح ما وهى منها، وتَدَع بيتا أسلم الناس عليه، وأحجارا أسلم الناس عليها، وبُعث عليها النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال ابن الزبير: لو كان أحدكم احترق بيته، ما رضي حتى يُجِدَّه، فكيف بيت ربكم، إني مستخير ربي ثلاثا، ثم عازم على أمري، فلما مضى الثلاث، أجمع رأيه على أن ينقضها، فتحاماه الناس، أن ينزل بأول الناس يصعد فيه أمر من السماء، حتى صعده رجل، فألقى منه حجارة، فلما لم يره الناس أصابه شيء تتابعوا، فنقضوه، حتى بلغوا به الأرض، فجعل ابن الزبير أعمدة، فستر عليها الستور، حتى ارتفع بناؤه … " الحديث.

وللفاكهيّ في "كتاب مكة" من طريق أبي أويس، عن يزيد بن رومان وغيره: "قالوا: لما أحرق أهل الشام الكعبة، ورموها بالمنجنيق، وَهَت الكعبة". ولابن سعد في "الطبقات" من طريق أبي الحارث بن زمعة، قال: "ارتحل الحصين بن نمير -يعني الأمير الذي كان يقاتل ابن الزبير من قبل يزيد بن معاوية- لما أتاهم موت يزيد بن معاوية في ربيع الآخر، سنة أربع وستين، قال: فأمر ابن الزبير بالخُصَاصَ (٣) التي كانت حول الكعبة، فهدمت، فإذا الكعبة تنفض -أي تتحرّك- متوهّنة، ترتج من أعلاها إلى أسفلها، فيها أمثال جيوب النساء من حجارة المنجنيق".

وللفاكهيّ من طريق عثمان بن ساج: "بلغني أنه لما قدم جيش الحصين بن نمير، أحرق بعض أهل الشام على باب بني جُمَح، وفي المسجد يومئذ خيام، فمشى الحريق حتى أخذ في البيت، فظن الفريقان أنهم هالكون، وضعف بناء البيت، حتى إن الطير ليقع عليه، فتتناثر حجارته".

ولعبد الرزاق، عن أبيه، عن مرثد بن شُرَحْبيل أنه حضر ذلك، قال: "كانت الكعبة


(١) - بالحاء المهملة، والموحدة: أي يُغيظهم بما يرونه.
(٢) -بضم الفاء، وكسر الراء: أي كُشف، وبيّن لي.
(٣) - الخصاص بالضم جمع خصاصة: ما يبقى في الكرم بعد قِطافه، والنَّبْذ اليسير. انتهى ق.