للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قد وَهَت من حريق أهل الشام، قال: فهدمها ابن الزبير، فتركه ابن الزبير حتى قدم الناس الموسم، يريد أن يحزبهم على اْهل الشام، فلما صدر الناس، قال: أشيروا عليّ في الكعبة … " الحديث.

ولابن سعد من طريق ابن أبي مليكة، قال: "لم يَبْن ابن الزبير الكعبة حتى حجّ الناس سنة أربع وستين، ثم بناها حين استقبل سنة خمس وستين". وحَكَى عن الواقديّ أنه ردّ ذلك، وقال: الأثبت عندي أنه ابتدأ بناءها بعد رحيل الجيش بسبعين يومًا. وجزم الأزرقيّ بأن ذلك كان في نصف جمادى الآخرة سنة أربع وستين.

قال الحافظ: ويمكن الجمع بين الروايتين بأن يكون ابتداء البناء في ذلك الوقت، وامتدّ أمده إلى الموسم ليراه أهل الآفاق ليشنع بذلك على بني أميّة.

ويؤيّده أن في تاريخ المسبّحي أن الفراغ من بناء الكعبة كان في سنة خمس وستين. وزاد المحب الطبريّ أنه كان في شهر رجب. واللَّه أعلم.

وإن لم يكن هذا الجمع مقبولاً، فالذي في "الصحيح" مقدّم على غيره.

وقال ابن عيينة في "جامعه"، عن داود بن سابور، عن مجاهد، قال: "خرجنا إلى منى، فأقمنا بها ثلاثًا ننتظر العذاب، وارتقى ابن الزبير على جدار الكعبة هو بنفسه، فهدم". وفي رواية ابن أبي أويس المذكورة: "ثم عزل ما كان يصلح أن يعاد في البيت، فبنوا به، فنظروا إلى ما كان لا يصلح منها أن يبنى به، فأمر به أن يحفر له في جوف الكعبة، فيدفن، واتبعوا قواعد إبراهيم من نحو الحِجْر، فلم يصيبوا شيئًا حتى شقّ على ابن الزبير، ثم أدركوها بعد ما أمعنوا، فنزل عبد اللَّه بن الزبير، فكشفوا له عن قواعد إبراهيم، وهي صخر، أمثال الخَلِفِ (١) من الإبل، فأنفضوا له، أي حرّكوا تلك القواعد بالعَتَل (٢)، فنفضت قواعد البيت، ورأوه بنيانًا مربوطًا بعضه ببعض، فحمد اللَّه، وكبّره، ثم أحضر الناس، فأمر بوجوههم، وأشرافهم، حتى شاهدوا ما شاهدوه، ورأوا بنيانًا متّصلاً، فأشهدهم على ذلك".

وفي رواية عطاء: "وكان طول الكعبة ثمان عشرة ذراعًا، فزاد ابن الزبير في طولها عشرة أذرع". وقد تقدّم من وجه أخر أنه كان طولها عثرين ذراعًا، فلعل راويه جبر الكسر. وجزم الأزرقيّ بأن الزيادة تسعة أذرع، فلعل عطاء جبر الكسر أيضًا.

وروى عبد الرزاق من طريق ابن سابط عن زيد: "أنهم كشفوا عن القواعد، فإذا


(١) - الخلِفُ: بفتح الخاء المعجمة، وكسر اللام هي الحامل من الإبل، واحدها خَلِفَة.
(٢) - العَتَلَة محركة: حديدة كأنها رأس فأس، أو العصا الضخمة من حديد، لها رأس مُفَلطَحٌ، يُهدم بها الحائط.