للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحجر مثل الخَلِفَةِ، والحجارة مشتبكة بعضها ببعض". وللفاكهيّ من وجه آخر عن عطاء، قال: "كنت في الأمناء الذين جمعوا على حفره، فحفروا قامة ونصفًا، فهجموا على حجارة، لها عروق، تتصل بزرد عرق المروة، فضربوه، فارتجت قواعد البيت، فكتر الناس، فبنى عليه". وفي رواية مرثد عند عبد الرزاق: "فكشف عن ربض (١) في الحجر آخذ بعضه ببعض، فتركه مكشوفًا ثمانية أيام، ليشهدوا عليه، فرأيت ذلك الربض مثل خَلِفِ الإبل، وجهٌ حجرٌ، ووجه حجران، ورأيت الرجل يأخذ العَتَلَة، فيضرب بها من ناحية الركن، فيهتزّ الركن الآخر". قال مسلم في رواية عطاء: "وجعل له بابين، أحدهما يُدْخَلُ منه، والآخر يُخرج منه". وفي رواية الأسود: "ففعله عبد اللَّه ابن الزبير". وفي رواية إسماعيل بن جعفر عند الإسماعيليّ: "فنقضه عبد اللَّه بن الزبير، فجعل له بابين في الأرض"، ونحوه للترمذيّ من طريق شعبة، عن أبي إسحاق.

وللفاكهيّ من طريق أبي أويس، عن موسى بن ميسرة: "أنه دخل الكعبة بعد ما بناها ابن الزبير، فكان الناس لا يزدحمون فيها، يدخلون من باب، ويخرجون من آخر". انتهى ما في "الفتح" ببعض تصرّف (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثانية): لم يُذكر في رواية المصنف، والبخاريّ قصّة تغيير الحجاج لما صنعه ابن الزبير، وقد ذكرها مسلم في "صحيحه" في رواية عطاء بن أبي رباح، قال: "فلما قُتل ابن الزبير، كتب الحجاج إلى عبد الملك بن مروان يخبره بذلك، ويخبره أن ابن الزبير، قد وضع البناء على أُسّ نظر إليه العدول من أهل مكة، فكتب إليه عبد الملك: إنا لسنا من تلطيخ ابن الزبير في شيء، أما ما زاد في طوله فأقره، وأما ما زاد فيه من الحجر، فرده إلى بنائه، وسُدّ الباب الذي فتحه، فنقضه، وأعاده إلى بنائه".

وللفاكهيّ من طريق أبي أويس، عن هشام بن عروة: "فبادر-يعني الحجاج- فهدمها، وبنى شِقّها الذي يلي الحجر، ورفع بابها، وسدّ الباب الغربيّ، قال أبو أويس: فأخبرني غير واحد، من أهل العلم أن عبد الملك نَدِم على إذنه للحجاج في هدمها، ولَعَنَ الحجاج". ولابن عيينة عن داود بن سابور، عن مجاهد: "فردّ الذي كان ابن الزبير أدخل فيها من الحجر، قال: فقال عبد الملك: وددنا أنا تركنا أبا خُبيب، وما تولّى من ذلك".

وقد أخرج قصة نَدَم عبد الملك على ذلك مسلم من وجه آخر، فعنده من طريق الوليد بن عطاء: "أن الحارث بن عبد اللَّه بن أبي ربيعة وَفَدَ على عبد الملك في خلافته،


(١) - بضم، فسكون، وقيل: بضمتين: أساس البناء.
(٢) - "فتح" ٤/ ٢٣٨ - ٢٤٠.