للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأجل بخلافه. انتهى (١).

وقال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" بعد أن أورد الحديث من رواية الإمام أحمد: ما نصّه: وهذا إسناد جيّد، لكن فيه نكارة من جهة قول الراوي: إن من كان له عهد، فأجله إلى أربعة أشهر. وقد ذهب إلى هذا ذاهبون، ولكن الصحيح أن من كان له عهد، فأجله إلى أمده بالغًا ما بلغ، ولو زاد على أربعة أشهر، ومن ليس له أمد بالكلية، فله تأجيل أربعة أشهر. بقي قسم ثالث، وهو من له أمدٌ يتناهى إلى أقلّ من أربعة أشهر من يوم التأجيل، وهذا يحتمل أن يلتحق بالأول، فيكون أجله إلى مدته وإن قلّ. ويحتمل أن يقال: إنه يؤجّل إلى أربعة أشهر؛ لأنه أولى ممن ليس له عهد بالكليّة. واللَّه تعالى أعلم انتهى كلام ابن كثير (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله الإمام ابن جرير -رحمه اللَّه تعالى- من كون هذه الرواية وهمًا، وقاله الحافظ ابن كثير -رحمه اللَّه تعالى- من نكارة قول الراوي: إن كان له عهد، فأجله أربعة أشهر، وأن الصحيح أن من كان له عهد، فأجله إلى أمده بالغًا ما بلغ هو الصواب.

فقد أخرج سعيد بن منصور، والترمذيّ، والطبريّ من طريق أبي إسحاق، عن زيد ابن يُثيع، قال: "سألت عليًّا بأي شيء بعثت؟، قال: بأنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يجتمع مسلم مع مشرك في الحجّ بعد عامهم هذا، ومن كان له عهد، فعهده إلى مدّته، ومن لم يكن له عهد، فأربعة أشهر".

فهذه الرواية صريحة واضحة في أن كلّ من كان له عهد، فعهده إلى مدّته.

قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" عند قوله تعالى: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} الآية [التوبة: ٢]: ما نصّه: اختلف المفسّرون ههنا اختلافًا كثيرًا، فقال قائلون هذه الآية لذوي العهود المطلقة، غير المؤقتة، أو من له عهد دون أربعة أشهر، فيكمل له أربعة أشهر، فأما من كان له عهد مؤقّت، فأجله إلى مدته، مهما كان؛ لقوله تعالى: {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} الآية [التوبة: ٤]، ولما سيأتي في الحديثء وهذا أحسن الأقوال، وأقواها، وقد اختاره ابن جرير -رحمه اللَّه تعالى- انتهى كلام ابن كثير (٣).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي استحسنه ابن كثير، واختاره قبله ابن جرير -رحمهما اللَّه تعالى- حسنٌ جدًّا.


(١) - "تفسير الطبري" ١٤/ ١٠٥.
(٢) - "البداية والنهاية" ٥/ ٣٤.
(٣) - "تفسير ابن كثير" ٢/ ٣٤٤ - ٣٤٥.