وأصل اختلافهم الاشتراك الذي في حرف "إلى" أعني في قوله تعالى {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}[المائدة: آية ٦] وقد تقدم القول في اشتراك هذا الحرف في قوله تعالى {إِلَى الْمَرَافِقِ}[المائة: آية ٦] لكن الاشتراك وقع هنالك من جهتين من اشتراك اسم "اليد"، ومن اشتراك حرف "إلى"، وهنا من قبيل اشتراك حرف "إلى" فقط.
وقد اختلفوا في الكتب ما هو؟ وذلك لاشتراك اسم الكعب، واختلاف أهل اللغة في دلالته، فقيل: هما العظمان اللذان عند معقد الشراك، وقيل: هما العظمان الناتئان في طرف الساق، ولا خلاف فيما أحسب في دخولهما في الغسل عند من يرى أنهما عند معقد الشراك إذ كان جزءا من القدم لذلك قال قوم: إنه إذا كان الحد من جنس المحدود دخلت الغاية فيه، أعني الشيء الذي يدل عليه حرف "إلى"، وإذا لم يكن من جنس المحدود لم يدخل فيه مثل قوله تعالى {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}[البقرة: آية ١٨٧] اهـ كلام ابن رشد في بدايته [جـ ١ ص ١٥، ١٦].
وقال القرطبي في "جامع الأحكام"، عند قوله تعالى {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} ما نصه: قرأ نافع، وابن عا مر، والكسائي {وأرجلكم} بالنصب، وروى الوليد بن مسلم عن نافع أنه قرأ {وأرجلُكُم} بالرفع، وهي قراءة الحسن والأعمش سليمانَ، وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة {وأرجلكم} بالخفض، وبحسب هذه القراءات اختلف الصحابة والتابعون، فمن قرأ بالنصب جعل العامل اغسلوا، وبنى على أن الفرض في الرجلين الغسل دون المسح، وهذا مذهب الجمهور والكافة من العلماء، وهو الثابت من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -.
واللازم من قوله في غير ما حديث وقد رأى قومًا يتوضؤون، وأعقابهم تلوح فنادى بأعلى صوته "ويل للأعقاب من النار أسبغوا الوضوء".