للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثم إن الله حددهما فقال {إِلَى الْكَعْبَيْنِ} كما قال في اليدين {إِلَى الْمَرَافِقِ} فدل على وجوب غسلهما، والله أعلم.

ومن قرأ بالخفض جعل العامل الباء، قال ابن العربي: اتفقت العلماء على وجوب غسلهما، وما علمت من ردّ ذلك سوى الطبري من فقهاء المسلمين، والرافضة من غيرهم، وتعلق الطبري بقراءة الخفض.

قلت قد رُويَ عن ابن عباس أنه قال: الوضوء غسلتان ومسحتان، وروي أن الحجاج خطب بالأهواز فذكر الوضوء فقال: اغسلوا وجوهكم وامسحوا برؤسكم وأرجلكم فإنه ليس شيء من ابن آدم أقرب من خبثه من قدميه فاغسلوا بطونهما وظهورهما وعراقيبهما، فسمع ذلك أنس بن مالك فقال: صدق الله، وكذب الحجاج، قال الله تعالي، {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: آية ٦] قال: وكان إذا مسح رجليه بلّهما، وروي عن أنس أيضا أنه قال: نزل القرآن بالمسح والسنة بالغسل وكان عكرمة يمسح رجليه، وقال: ليس في الرجلين غسل إنما نزل فيهما المسح وقال عامر الشعبي: نزل جبريل بالمسح، ألا ترى أن التيمم يمسح فيه ما كان غسلا، ويُلغَى ما كان مسحا، وقال قتادة:

افترض الله غسلتين ومسحتين.

وذهب ابن جرير الطبري إلى أن فرضهما التخيير بين الغسل والمسح، وجعل القراءتين كالروايتين، قال النحاس: ومن أحسن ما قيل فيه: إن المسح والغسل واجبان جميعا، فالمسح واجب على قراءة من قرأ بالخفض والغسل واجب على قراءة من قرأ بالنصب، والقراءتان بمنزلة آيتين.

وقال ابن عطية: وذهب قوم ممن يقرأ بالكسر إلى أن المسح في الرجلين هو الغسل.