للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قلت (١): هو الصحيح، فإن لفظ المسح مشترك يطلق بمعنى المسح، ويطلق بمعنى الغسل، قال الهروي: أخبرنا الأزهري، أخبرنا أبو بكر محمَّد بن عثمان بن سعيد الدَّاريّ، عن أبي حاتم، عن أبي زيد الأنصاري، قال: المسح في كلام العرب يكون غسلا، ويكون مسحا، ومنه يقال للرجل إذا توضأ فغسل أعضاءه: قد تمسح، ويقال: مسح الله ما بك: إذا غسلك، وطهرك من الذنوب.

فهذا ثبت بالنقل عن العرب أن المسح يكون بمعنى الغسل، فترجح قول من قال: إن المراد بقراءة الخفض الغسل، وبقراءة (٢) النصب التي لا احتمال فيها، وبكثرة الأحاديث الثابتة بالغسل، والتوعد على ترك غسلها في أخبار صحاح لا تحصى كثرة أخرجها الأئمة.

ثم إن المسح في الرأس إنما دخل بين ما يغسل لبيان الترتيب على أنه مفعول قبل الرجلين، التقدير فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأرجلكم إلى الكعبين، وامسحوا برؤسكم، فلما كان الرأس مفعولا قبل الرجلين قدم عليهما في التلاوة، والله أعلم، لا أنهما مشتركان مع الرأس، لتقدمه عليهما في صفة التطهير.

وقد روى عاصم بن كليب عن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: قرأ الحسن، والحسين رحمة الله عليهما عَليَّ "وأرجلكم" أي بالجر فسمع علي ذلك، وكان يقضي بين الناس فقال "وأرجلكم" أي بالنصب هذا من المقدم والمؤخر من الكلام.

وروى أبو إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه قال: اغسلوا الأقدام إلى الكعبين، وكذا روي عن ابن مسعود، وابن عباس أنهما قرءَا


(١) القائل هو القرطبي.
(٢) أي بدليل قراءة النصب.