للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

{وأرجلكم} بالنصب وقد قيل: إن الخفض في الرجلين إنما جاء مقيدا لمسحهما لكن إذا كان عليهما خفان، وتلقينا هذا القيد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ لم يصح عنه أنه مسح رجليه إلا وعليهما خفان، فبين - صلى الله عليه وسلم - بفعله الحال التي تغسل فيه الرجل، والحال التي تمسح فيه، وهذا حسن.

وقد قيل: إن قوله تعالى: "وأرجلكم" معطوف على اللفظ دون المعنى، وهذا أيضا يدل على الغسل فإن المراعى المعنى، لا اللفظ، وإنما خفض للجوار كما تفعل العرب، وقد جاء هذا في القرآن وغيره قال الله تعالى {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ} [الرحمن: آية ٣٥]، بالجر لأن النحاس الدخان، وقال: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (٢٢)} [البروج: آية ٢١، ٢٢] [البروج: آية ٢١، ٢٢] بالجر (١)، قال إمرؤ القيس (من الطويل):

كبيرُ أنَاسٍ في بِجَادٍ مُزَمَّل (٢)

فخفض مزمل بالجوار وأن المزمل الرجل وإعرابه الرفع.

قال زهير: (من الكامل)

لَعِبَ الزَّمَانُ بِها وَغَيَّرَهَا … بَعْدي سَوَافِي (٣) الموُرِ والقَطْرِ

قال أبو حاتم: كان الوجه القطر بالرفع، ولكنه جره على جوار المور، كما قالت العرب هذا جحر ضب خَرِبٍ فجروه، وإنما هو رفع. وهذا مذهب الأخفش، وأبي عبيدة، ورده النحاس وقال: هذا القول غلط عظيم، لأن الجوار لا يكون في الكلام أن ينقاس عليه، وإنما هو غلط ونظيره الإقواء.


(١) وهي قراءة ابن كثير.
(٢) صدر البيت: كَأن أبَانَا في أفَانين دَقّه .. والبجاد: الكساء المخطط، والمزمل المدثر في الثياب. والمعنى أن ما لبسه الخيل من المطر، وأحاط به إلى رأسه كشيخ في كساء مخطط.
(٣) السوافي جمع سافية وهي الريح الشديدة التي تسفي التراب أي تطيره. والمور بالضم التراب.