(قَالَ) أبو سعيد - رضي اللَّه عنه - (وَمَا هِيَ، يَا رَسُولَ اللهِ؟، قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، الْجهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ") هكذا مكررًا مرتين، وهو كذلك، ولكن في "الكبرى" مكرّرٌ ثلاث مرّات.
وفي هذا الأسلوب تفخيم أمر الجهاد، وتعظيم شأنه، فإن قوله: "من رضي باللَّه ربًّا، وبالإسلام دينًا" مشتملٌ على جميع ما أمر اللَّه به، ونهى عنه، ومنه الجهاد، وكذا إبهامه بقوله: "وأخرى"، وإبرازه في صورة البشارة؛ ليسأل عنها، فيجاب بما يجاب؛ لأن التبيين بعد الإبهام أوقع في النفس، وكذا تكراره بقوله: "الجهاد في سبيل اللَّه، الجهاد في سبيل اللَّه". ونظير هذا الحديث قوله تعالى: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ} إلى قوله: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصفّ:١٠ - ١٣]. أفاده القاري (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-١٨/ ٣١٣٢ - وفي "الكبرى" ١٥/ ٤٣٣٩. وأخرجه (م) في "الجهاد" ١٨٨٤ (د) ١٥٢٩. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان درجة المجاهد في سبيل اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، وأنه يُرفع مائة درجة، بعد ما بين الدرجتين، كما بين السماء والأرض. (ومنها): بيان فضل الرضا باللَّه تعالى ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد - صلى اللَّه عليه وسلم - نبيًّا، حيث إن من اتّصف به وجبت له الجنّة. (ومنها): فضل الجهاد في سبيل اللَّه تعالى، حيث يرفع المجاهد هذه الدرجات العالية بسببه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٣١٣٣ - (أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارِ بْنِ بِلَالٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُمَيْعٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ, قَالَ: حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ, عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ, عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «مَنْ أَقَامَ الصَّلَاةَ, وَآتَى الزَّكَاةَ, وَمَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا, كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- أَنْ يَغْفِرَ لَهُ, هَاجَرَ, أَوْ مَاتَ فِي مَوْلِدِهِ» , فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ, أَلَا نُخْبِرُ بِهَا النَّاسَ, فَيَسْتَبْشِرُوا بِهَا؟ , فَقَالَ:
(١) - "مرقاة المفاتيح" ٧/ ٤١٢ - ٤١٣.