للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي اقتضاه كلام هذا البعض هو الذي تقتضيه عبارة المجد في "القاموس"، ونصّه: ثَعَبَ الماءَ والدمَ، كمنع: فَجَرَه، فانثَعَبَ انتهى. ونحوه في "لسان العرب" لابن منظور (١).

(اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ، وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ) في رواية همّام: "والعَرْف" -بفتح المهملة، وسكون الراء، بَعدها فاء، وهو الرائحة، وتقدّم -٢٥/ ٣١٤٢ - من حديث معاذ بن جبل - رضي اللَّه عنه -، مرفوعًا: "من جُرح جرحًا في سبيل اللَّه، أو نُكب نَكبة، فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت، لونها لون الزعفران، وريحها ريح المسك". وعُرف بهذه الزيادة أن الصفة المذكورة لا تختصّ بالشهيد، بل هي حاصلة لكلّ من جُرِح.

ويحتمل أن يكون المراد بهذا الجرح هو ما يموت صاحبه بسببه قبل اندماله، لا ما يندمل في الدنيا، فإن أثر الجراحة، وسيلان الدم يزول، ولا ينفي أن يكون له فضلٌ في الجملة، لكن الظاهر أن الذي "يجيء يوم القيامة يَثعَبُ دمًا" من فارق الدنيا، وجرحه كذلك، ويؤيّده ما وقع في حديث معاذ المذكور: "عليه طابَعُ الشهداء"، وقوله: كأغزر ما كانت" لا ينافي قوله: "كهيئتها"؛ لأن المراد لا ينقص شيئًا بطول العهد. قاله في "الفتح".

وقال الحافظ وليّ الدين: وظاهره أنه لا فرق في ذلك بين أن يُستشهد، أو تبرأ جراحته؛ لقوله: "كلّ كَلْم".

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الأرجح عندي أنه أعمّ، فيشمل من استُشهد، ومن برىء جرحه، فمات بعد ذلك؛ عملاً بظاهر النصّ. واللَّه تعالى أعلم.

قال العلماء: الحكمة في بعثه كذلك أن يكون معه شاهدٌ بفضيلته ببذله نفسه في طاعة اللَّه تعالى (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-٢٧/ ٣١٤٨ - وفي "الكبرى" ٢٣/ ٥٣٥٥. وأخرجه (خ) في


(١) راجع "القاموس المحيط"، و"لسان العرب" في مادّة ثَعَبَ.
(٢) - راجع "الفتح" ٦/ ٩٨ - ٩٩.